الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آفات إضاعة الوقت باللعب واللهو

السؤال

أنا شخص ألعب الكثير من الألعاب عبر الكمبيوتر من خلال شبكة "أونلاين" والحمد لله محافظ على الصلوات، ولكن هناك لعبة ألعبها دائماً وهي: "league of legends" هي عبارة عن أبطال خارقين، أو سحرة، المشكلة كالتالي: عندما تقتل خصمك عدة مرات تقريباً ٥ أو ٦ مرات دون أن تموت ولا مرة تظهر عبارة: "Godlike" أي تشبيه للرب سبحانه وتعالى، وبالعادة أنا أتفادها بقتل نفسي باللعبة قبل أن أصل لها لكي لا تظهر الكلمة لي، ولكن المشكلة أن الخصم أحياناً يصل لها، أو أحداً من فريقي يصل لها أحياناً. فهل يعني أنني كفرت بالله عندما تظهر لخصمي كوني ألعب اللعبة؟
شكراً لكم، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن اللعب بالألعاب التي فيها أقوال أو مشاهد كفرية محرم، لكنه ليس كفراً، ما دام اللاعب ينكرها ويعتقد بطلانها ولا يقرها، وانظر في هذا الفتوى: 262519.

وأما بخصوص العبارة التي ذكرتها: فالظاهر أنها في سياق اللعبة لا تفيد المعنى السيء التي توهمته.

وعلى كل حال: ينبغي للمسلم إذا شك في وجود محذور شرعي في لعبة من الألعاب أن يتجنبها بالكلية، ولا ينتظر فتوى تجزم له بتحريمها، فشأن الألعاب أهون من ذلك، فاجتنابها يسير، وترك لعبة مهما كانت لن يضر المسلم شيئا في دنياه.

وينبغي للمسلم أن يعمر وقته بما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه، وليحذر أن يكون صريعا لأجهزة اللهو واللعب تبدد عليه زمنه، فإن المرء مسؤول عن وقته بين يدي الله يوم القيامة، كما في الحديث: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه .. أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح.

وإضاعة الأوقات لون من ألوان العقوبة الإلهية للعبد، قال ابن القيم -في ذكر عقوبات الذنوب-: قلة التوفيق، وفساد الرأي، وخفاء الحق، وفساد القلب، وخمول الذكر، وإضاعة الوقت، ونفرة الخلق، والوحشة بين العبد وبين ربه، ومنع إجابة الدعاء، وقسوة القلب، ومحق البركة في الرزق والعمر، وحرمان العلم، ولباس الذل وإهانة العدو، وضيق الصدر، والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت، وطول الهم والغم وضنك المعيشة وكسف البال، تتولد من المعصية والغفلة عن ذكر الله؛ كما يتولد الزرع عن الماء والإحراق عن النار اهـ. من الفوائد.

وإضاعة الوقت من أشد قطاع الطريق إلى الله والدار الآخرة، قال ابن القيم: إضاعة الوقت أشد من الموت، لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها .اهـ. من الفوائد.

وقال أيضاً: عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها: علم لا يعمل به، وعمل لا إخلاص فيه ولا اقتداء، ومال لا ينفق منه فلا يستمتع به جامعه في الدنيا ولا يقدمه أمامه إلى الآخرة، وقلب فارغ من محبة الله والشوق إليه والأنس به، وبدن معطل من طاعته وخدمته، ومحبة لا تتقيد برضاء المحبوب وامتثال أوامره، ووقت معطل عن استدراك فارطه أو اغتنام بر وقربة، وفكر يجول فيما لا ينفع، وخدمة من لا تقربك خدمته إلى الله ولا تعود عليك بصلاح دنياك، وخوفك ورجاؤك لمن ناصيته بيد الله وهو أسير في قبضته ولا يملك لنفسه حذرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشوراً، وأعظم هذه الإضاعات إضاعتان هما أصل كل إضاعة: إضاعة القلب، وإضاعة الوقت، فإضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة، وإضاعة الوقت من طول الأمل، فاجتمع الفساد كله في إتباع الهوى وطول الأمل، والصلاح كله في اتباع الهدى والاستعداد للقاء الله. اهـ. من الفوائد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني