الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من الامتناع عن مجالسة الوالد

السؤال

صار بيني وبين أبي نقاش، والكل شهد لي أني على حق. في اليوم التالي جلست عند والدي وقت العصر دائما أجلس معه، وكنت متضايقا، ولم أتكلم بشيء، وفتح أبي الموضوع، وبدأ نقاشا حتى قال لي أنت تمشي على مزاجك. مع العلم أنه حتى العمرة أستأذنه بالذهاب إليها، ومرة قال لا تذهب وجلست. هنا وصل من الغضب مبلغه فقلت: أنا لا أريد منك شيئا، أنا أريد أن أجلس معك العصر وأشرب قهوة فقط وأمشي. قال: (طس) بمعنى انقلع، فخرجت من الجلسة ولم أعد إليها. والآن يريدني هو وأخي أن أرجع وأجلس معهم، وأنا ارفض لكني لم أقطع أبي، أسلم عليه في الشارع أو أي مكان، لكن لا أحضر عند أبي أبدا. فما حكم أني أرفض القدوم لمجلس أبي بعد طرده لي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك طاعة أبيك في الرجوع إلى مجالسته، ولا يجوز لك الامتناع من ذلك بسبب ما حصل منه، فليس الأب كغيره، ولكن حقّ الأب على ولده عظيم.

قال القرافي -رحمه الله- في الفروق: وَذَلِكَ أَنَّ ضَابِطَ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْوَالِدَيْنِ دُونَ الْأَجَانِبِ أُمُورٌ : .......الثَّانِي: وُجُوبُ اجْتِنَابِ مُطْلَقِ الْأَذَى كَيْفَ كَانَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الِابْنِ. اهـ
واعلم أنّ برّ الوالد، والإحسان إليه من أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد. وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.
قال المباركفوري -رحمه الله-: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ، وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. اهـ من تحفة الأحوذي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني