الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طريق حصول الرضا والتسليم لحكم الله

السؤال

أنا فتاة مصرية، عمري 15 عاما، أريد أن أدرس خارج بلدي، وأن أعيش هناك، نظرا للظروف السيئة التي تمر بها مصر، وأود أن أقوم بتأسيس عملي الخاص عندما أكبر، أريد أن أنشئ مجموعة شركات وجمعيات خيرية حول العالم، وهذا سيتطلب سفرا، فهل يحل لي أن أسافر للعمل أو الدراسة بدون أبي أو بدون محرم عامة؟ علما بأن السفر اليوم آمن عن ذي قبل، وإن رفض أبي السفر معي لمشاغله فهل هو آثم؟ وهل يحل لي السفر حينها؟
وآخر شيء: أريد أن أعلم كيف أتقبل حكم الله؟ أنا لا أعترض على حكم الله، ولكنني أشعر بعدم رضا في داخلي في بعض الأحيان، فكيف أتخلص من هذا الشعور؟ وهل علي إثم إن تحيرت في حكم شرعي معين، ولم أبحث عن الحكم حتى لا أعلم أنه حرام، فأحزن أو أقوم بفعل يغضب الله مني؟
أعتذر على الإطالة، وجزاكم الله فردوسه الأعلى.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجماهير أهل العلم على أن سفر المرأة بغير محرم؛ لا يجوز إلا عند الضرورة، كالهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، وبعض أهل العلم يبيحون للمرأة السفر بغير محرم عند أمن الفتنة، ولو لغير ضرورة ولا سيما مع صحبة جمع من النساء، وراجعي الفتوى رقم: 173927، والفتوى رقم: 173887.
وعليه؛ فالأصل ألا تسافري بغير محرم، ولا إثم على أبيك في الامتناع من السفر معك، فإن وجدت محرماً غيره فلك السفر معه، وإن لم تجدي محرماً فلا تسافري للدراسة أو العمل، وابحثي عن بدائل لا تستلزم سفراً.
واعلمي أنّ الواجب على المسلم أن يرضى بحكم الله، ويسلم له تسليماً تاماً بصدر منشرح، والطريق إلى حصول الرضا والتسليم لحكم الله، هو إصلاح القلب وتقوية الإيمان بالله، بالعمل الصالح والعلم النافع، فمتى صلح القلب ورسخ الإيمان فيه، فإنّه يرضى ويسلم لأمر الله.

قال ابن القيم –رحمه الله- في مدارج السالكين: وَمَتَّى خَالَطَ الْقَلْبَ بَشَاشَةُ الْإِيمَانِ، وَاكْتَحَلَتْ بَصِيرَتُهُ بِحَقِيقَةِ الْيَقِينِ، وَحَيَّى بِرُوحِ الْوَحْيِ، وَتَمَهَّدَتْ طَبِيعَتُهُ، وَانْقَلَبَتِ النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ مُطَمَئِنَّةً رَاضِيَةً وَادِعَةً، وَتَلَقَّى أَحْكَامَ الرَّبِّ تَعَالَى بِصَدْرٍ وَاسِعٍ مُنْشَرِحٍ مُسْلِمٍ: فَقَدْ رَضِيَ كُلَّ الرِّضَا بِهَذَا الْقَضَاءِ الدِّينِيِّ الْمَحْبُوبِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. اهـ
ومن وسائل صلاح القلب وتقوية الإيمان: التعرف على الله بأسمائه وصفاته، والتفكر في نعمه وآلائه، وتدبر كلامه والتعرف على سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وسيرته وأخلاقه، وكثرة ذكر الموت وما بعده من أمور الآخرة، وكثرة الذكر والدعاء.
واعلمي أن المكلف لا يجوز له الإقدام على فعل يشك في إباحته حتى يعلم حكم الله فيه، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: والأصل بالنسبة للجاهل: أنه لا يجوز له أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله فيه، فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله في البيع، ومن آجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله في الإجارة، ومن صلى وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في هذه الصلاة، وهكذا في كل ما يريد الإقدام عليه، لقوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم} فلا يجوز الشروع في شيء حتى يعلم حكمه، فيكون طلب العلم واجبا في كل مسألة، وترك التعلم معصية يؤاخذ بها. اهـ

وراجعي الفتوى رقم: 250945.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني