الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكم بحصول البينونة أو عدم حصولها، ينبني على معرفة نية زوجك

السؤال

أريد فتوى بخصوص الطلاق. رجاء منكم الرد بسرعة.
في أول مرة طلبت من زوجي أن يأخذني لبيت أهلي، لكنه رفض، ارتديت ملابسي، وأخبرته أنني سأذهب، فقال لي: أنت طالق بالثلاث إن تجاوزت عتبة الباب. نزعت ملابسي، ولم أذهب لبيت أهلي، لكني خرجت من باب آخر.
المرة الثانية: تشاجرنا فقال لي: لو نطقت بكلمة أخرى فأنت طالق. سكت حينها، وخرجت من الغرفة، لكن بعد خمس دقائق رجعت وتكلمت.
المرة الثالثة: تشاجرنا فقال لي: أنت طالق مرتين. لم أخرج من بيتي، وبعد خمسة أيام أرجعني.
المرة الرابعة: تشاجرنا فقال لي: أنت طالق مرتين. وفي الغد قال لي: بأنه علق طلاقي بارتدائي لملابسي وخروجي من البيت، وخلال حديثه أعاد قولها.
السؤال هو: هل بنت منه بينونة كبرى؟ مع العلم أني ما زلت في بيتي، ولكني أخشى أن أكون في الحرام. أجيبوني في أسرع وقت ممكن.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأكثر أهل العلم على أنّ الحلف بالطلاق وتعليقه على شرط -سواء أريد به الطلاق أو التهديد أو المنع أو الحث أو التأكيد- يقع الطلاق بالحنث فيه، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثاً، وهذا هو المفتى به عندنا، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظري الفتوى رقم: 11592.
والراجح عندنا أنّ المعتبر في الأيمان النية فيما يحتمله اللفظ، قال ابن قدامة -رحمه الله- : وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له، .......، والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها: أن ينوي بالعام الخاص، .......ومنها: أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا، وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه. اهـ
وعليه؛ فإن كان زوجك قصد بيمينه الأولى منعك من الخروج في الحال إلى بيت أهلك، ولم يقصد منعك من الخروج من هذا الباب إلى الأبد -كما هو الظاهر من السؤال- فقد برّ في يمينه ولم يحنث، ولم يقع عليك طلاق حينئذ، وكذلك الحال في اليمين الثانية، فإن كان قصد منعك من الكلام في الحال فقط، فقد برّ في يمينه ولم يقع طلاقه.
وأمّا المرة الثالثة والرابعة التي تلفظ فيها بصريح الطلاق، وكرره مرتين، فهذا طلاق نافذ، ولا يتوقف وقوعه على نية الزوج، وإذا كان زوجك يدعي أنّه حين تلفظ بهذه العبارة نوى تعليق الطلاق على خروجك من البيت، ففي قبول قوله خلاف بين أهل العلم، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ تَخْصِيصُ حَالٍ دُونَ حَالٍ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ يَصِلُهُ بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ، مِثْلُ قَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ، أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ، أَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ شَهْرٍ. فَهَذَا يَصِحُّ إذَا كَانَ نُطْقًا، بِغَيْرِ خِلَافٍ. وَإِنْ نَوَاهُ، وَلَمْ يَلْفِظْ بِهِ دُيِّنَ. وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. اهـ
وعليه؛ فالحكم بحصول البينونة بينك وبين زوجك أو عدم حصولها، يتوقف على معرفة نية زوجك، وتفصيل ما تلفظ به، فالصواب أن تعرض المسألة على المحكمة الشرعية، أو على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوق بدينهم وعلمهم في بلدكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني