الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال عن المسائل التي لم تقع

السؤال

في حالة قيام حرب نووية، وما يتبع ذلك من مجاعة عالمية، قد يموت فيها مليارات البشر، كيف تكون الصلاة والصوم والعبادة في حالة وجود الظل النووي، أو فيما يعرف بالشتاء والصيف النووي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن عامة أسئلتك تتمحور حول افتراضات لا واقع لها، ولا نصيب لها من الحقيقة، أو الاحتمال، ومن ثم؛ فنحن نحذرك من سلوك هذا المسلك.

وننصحك بالاشتغال بما ينفعك، والإقبال على شأنك، والاجتهاد في فعل ما أمرك الله به، وترك الأغلوطات، والسؤال عما لم يكن.

ونحن ننقل لك كلامًا نفيسًا للحافظ ابن رجب -رحمه الله- يبين لك هدي السلف الصالح في أمثال هذه الأمور، قال ابن رجب: وَلِهَذَا الْمَعْنَى كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، يَكْرَهُونَ السُّؤَالَ عَنِ الْحَوَادِثِ قَبْلَ وُقُوعِهَا، وَلَا يُجِيبُونَ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: خَرَجَ عُمَرُ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: أُحَرِّجُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَسْأَلُونَا عَنْ مَا لَمْ يَكُنْ، فَإِنَّ لَنَا فِيمَا كَانَ شُغُلًا.

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَا تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ لَعَنَ السَّائِلَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ.

وَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِذَا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ، يَقُولُ: كَانَ هَذَا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، قَالَ: دَعُوهُ حَتَّى يَكُونَ.

وَقَالَ مَسْرُوقٌ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: أَكَانَ بَعْدُ؟ فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ أَجِمَّنَا - يَعْنِي: أَرِحْنَا حَتَّى يَكُونَ -، فَإِذَا كَانَ اجْتَهَدْنَا لَكَ رَأْيَنَا.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: سُئِلَ عَمَّارُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ هَذَا بَعْدُ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَدَعُونَا حَتَّى يَكُونَ، فَإِذَا كَانَ تَجَشَّمْنَاهُ لَكُمْ.

وَعَنِ الصَّلْتِ بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ سَأَلْتُ طَاوُسًا عَنْ شَيْءٍ، فَانْتَهَرَنِي، فَقَالَ: أَكَانَ هَذَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: آللَّهِ؟ قُلْتُ: آللَّهِ. قَالَ: إِنَّ أَصْحَابَنَا أَخْبَرُونَا، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تُعَجِّلُوا بِالْبَلَاءِ قَبْلَ نُزُولِهِ، فَيَذْهَبُ بِكُمْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا، فَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُعَجِّلُوا بِالْبَلَاءِ قَبْلَ نُزُولِهِ، لَمْ يَنْفَكَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ إِذَا سُئِلَ سُدِّدَ، أَوْ قَالَ وُفِّقَ. وَقَدْ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ " الْمَرَاسِيلِ " مَرْفُوعًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُعَجِّلُوا بِالْبَلِيَّةِ قَبْلَ نُزُولِهَا، فَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا لَمْ يَنْفَكَّ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ مَنْ إِذَا قَالَ سُدِّدَ، أَوْ وُفِّقَ، وَأَنَّكُمْ إِنْ عَجَّلْتُمْ، تَشَتَّتَ بِكُمُ السُّبُلُ هَا هُنَا وَهَا هُنَا»، وَمَعْنَى إِرْسَالِهِ أَنَّ طَاوُسًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ. وَخَرَّجَهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ مُرْسَلًا. انتهى. وله تتمة سابغة انظرها ثَمَّ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني