الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من تقدم لخطبة فتاة ظنًّا منه أنها فسخت الخطبة السابقة

السؤال

أرجوكم أغيثوني، فلم أجد جوابًا في أي مكان، فأرجو منكم أن تردوا علي.
خطبت قريبتي، وبعد سنة ونصف من التواصل اختلفنا وتركنا بعضنا، وبعد سنة ونصف سمعت أن رجلًا تقدم لخطبتها، وسمعت بعض الناس يقولون: إنها رفضت، وبعضهم يقولون: وافقت، لكن خالتي قالت لي: تقدم رسميًّا، فقررت الرجوع لها، واتصلتْ عليها خالتي تسألها: هل هي مخطوبة أم لا؟ فقالت لها: إنها غير مخطوبة، وهي في فترة تعارف مع شخص، وبعدها أخبرتْها أني أريد الرجوع لها وأني ما زلت أحبها، فقالت: موافقة، فدخلتُ عليها، وسألتها: هل أنت مخطوبة؟ فإذا كنتِ مخطوبة، فلا يحق لي الدخول عليك، فقالت: إنها غير مخطوبة، وهي في فترة تعارف مع شخص.
هذا الشخص ذهب إلى البيت، وهي وفقت عليه، ونظر لها النظرة الشرعية، فقالت: لن أترك الشاب، فقلت لها: إذا نجحت فترة التعارف، فالله يوفقك، وإذا لم تنجح، فأعطيني فرصة للرجوع، وسوف أسعدك، وأجعلك في عيوني، فقالت: موافقة، فما هي الخطبة في الإسلام؟
وبعد أسبوع دخلت عليها، وسألتها: ماذا حصل؟ فقالت: إنها أنهت الموضوع مع الشاب، وطلبت إعطاءها فرصة لتفكر في الموضوع.
بعد فترة تواصلنا، فشعرت أنها قلقة، أو حزينة، وبعد فترة رفضت مرة في الهاتف أن ترجع لي، واتصلت مرة أخرى أطلب منها أن تعطيني فرصة، وهذه أكثر لحظة جعلتني أفكر أنها لم تتركه بسببي، فلو كانت قد تركته بسببي، فسوف تتمسك بي، فاتصلت عليها وقلت لها: أعدك أنه لن تحصل نقاشات، وسأسعدك، ووافقت، والآن رجعنا، ولي أكثر من ثلاثة أشهر معها، وحددنا موعد الزواج، لكني سمعت أنهم أيضًا حددوا موعد الزواج مع الشاب الآخر، لكني لا أعرف هل هذا الكلام صحيح أو لا، ودخلت عليها خالتي فقالت لها: أرجو أن لا تكوني تركت موضوعك من أجل ابن أختي، فقالت لها: لا، اختلفنا في موضوع السكن، وموعد الزواج، وقالت: ليس السبب ابن أختك.
أخاف أن تكون رفضته لمكان إقامته، فهو يسكن في قرية، وهذا ليس عيبًا، وأنا في الخارج مع أغلب أهلي، فإذا كنت مذنبًا، فهل لهذا الذنب كفارة أو توبة؟ وماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالخطبة مواعدة بين الطرفين على أمر الزواج، فإذا توافق الطرفان على ذلك، وركن كل منهما للآخر؛ حرم على المسلم الخطبة على خطبة أخيه، وسبق لنا بيان ذلك في الفتوى ذات الرقم: 20413، والفتوى ذات الرقم: 33670.

ومن خلال السؤال يبدو أن هنالك اضطرابًا، وعدم وضوح فيما إن كانت الخطبة قد فسخت أم لا؟

وعلى كل حال؛ إن كنت تقدمت لخطبتها بناء على ما ذكر لك أنها قد فسخت، فلا إثم عليك في ذلك، ولو كانت الحقيقة على خلافه، وأن الخطبة قائمة، فالخطأ مغفور بنص كتاب الله، والسنة الشريفة، قال تعالى في دعاء المؤمنين: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286}، وثبت في صحيح مسلم أنه سبحانه قال: قد فعلت. وروى ابن ماجه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه.

وننبه إلى أمرين:

الأول منهما هو: أن الخطبة مجرد مواعدة بين الطرفين، يحق لأي منهما فسخها متى شاء، ولكن لا ينبغي فسخها لغير حاجة، وسبق بيان ذلك في الفتوى ذات الرقم: 18857.

والثاني: أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يعقد له عليها العقد الشرعي، فالتواصل بينهما بدعوى التعارف، ونحو ذلك، لا يجوز، وهو من دواعي ما قد يكون من خلافات بين الطرفين قبل إتمام الزواج، وانظر الفتوى ذات الرقم: 343282.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني