الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

نحن -السوريين- إذا أردنا أن نسامح شخصًا نقول له: "روح مسامحك دنيا وآخرة"، بمعنى: اذهب فقد سامحتك، ولا أريد منك شيئًا، فهل فعلًا يسامحه في الآخرة؟ لأنني أعلم أن كل شخص في الآخرة سيأخذ حقه، ويريد حسنات للنجاة؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن العفو عن الحقوق قد جاءت نصوص كثيرة في الحض عليه، وبيان فضله، والمراد بالعفو التنازل عن الحق في الدنيا، والآخرة؛ رجاء ثواب الله جل وعلا، وفضله، الذي هو أعظم ثوابًا من الأخذ من حسنات الظالم في الآخرة، أو طرح سيئات المظلوم عليه.

وأما ترك الانتصار من الظالم في الدنيا مع تأخير أخذ الحق منه إلى يوم القيامة، فليس عفوًا عن الحق، إنما هو تأخير له، جاء في بريقة محمودية: (فإن لم يقدر على أخذ الحق) لعتو الظالم، ورياسته، وكون المظلوم من أخساء الناس، (فله التأخير إلى يوم القيامة و) له (العفو، وهو أفضل) من التأخير إلى الآخرة.

قال في الإحياء: أخذ الحق بلا زيادة ولا نقصان هو العدل، والإحسان بالصدقة والعفو هو أفضل، والظلم بما لا تستحقه هو الجور، وهو اختيار الأراذل، والفضل إحسان الصديقين، والعدل منتهى درجات الصالحين (وإن قدر) على أخذه (فله العفو أيضًا) كما إذا لم يقدر (وهذا أفضل من العفو الأول) أي: العفو مع العجز، وعدم القدرة؛ لعجز ذلك عن الأخذ حالًا، وأنه أشق على النفس (و) من (الانتصار أي: استيفاء حقه من غير زيادة عليه وهو) أي: الانتصار (العدل المفضول). اهـ. باختصار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني