الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إجابة الشخص مَن ناداه بالكفر

السؤال

قال لي شخص: (يا مقدس، كيف حالك؟)، قاصدًا بكلمة: (المقدس) رجل الدين النصراني؛ فقلت لذلك الشخص: (الحمد لله)، فهل كفرت؛ لأني أجبت ذلك الشخص عن سؤاله؟ مع أنني لم أقصد الموافقة على مناداته لي بكلمة: (مقدس)، ولكني قصدت الإجابة عن سؤاله لي: (كيف حالك؟)
ومن عرف الحكم الشرعي بأن تشبيه شخص نفسه بالكفار، ولو مازحًا، يقع به الكفر، ولكنه في ذلك الوقت نسي ذلك الحكم الشرعي، فهل يعذر ذلك الشخص بنسيانه الحكم الشرعي الذي كان يعلمه؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فطالما قصدت بجوابك الإجابة عن سؤاله لك عن حالك، ولم تقصد الموافقة على مناداته لك بهذه الكلمة، فليس في ذلك كفر.

ومن أطلق من أهل العلم الكفر على من أجاب من ناداه بالكفر، أو اليهودية، أو النصرانية، فهذا محمول على من رضي بالنسبة للكفر، بخلاف من أجاب لمجرد الإجابة دون الرضى بالكفر، وقد نقل النووي في (روضة الطالبين)، من كتب أصحاب أبي حنيفة تفصيل الأقوال والأفعال المقتضية للكفر، ومنها: لو قيل له: يا يهودي، يا مجوسي. فقال: لبيك. كفر". ثم قال: في هذا نظر، إذا لم ينو شيئًا. اهـ. فأفاد النووي -رحمه الله- أنه إذا لم ينوِ غير مجرد الإجابة، فالحكم بكفره فيه نظر.

ونقل ذلك عنه ابن حجر الهيتمي في (الإعلام بقواطع الإسلام)، ثم قال: والنظر واضح، والأوجه أنه إن نوى إجابته، أو أطلق، لم يكفر. وإن قال ذلك على جهة الرضى بما نسبه إليه، كفر. ثم رأيت الأذرعي قال: والظاهر أنه لا يكفر إذا لم ينوِ غير إجابة الداعي، ولا يريد الداعي بذلك حقيقة الكلام، بل هو كلام يصدر من العاميّ على سبيل السبّ، والشتم للمدعو، ويريد المدعو إجابة دعائه بلبيك طلبًا لمرضاته. انتهى.

وكذلك في مسألة التشبه، نقل النووي عنهم: ولو شد الزنار على وسطه، كفر، واختلفوا فيمن وضع قلنسوة المجوس على رأسه، والصحيح أنه يكفر، ولو شد على وسطه حبلًا، فسئل عنه، فقال: هذا زنار، فالأكثرون على أنه يكفر. اهـ. ثم قال النووي: الصواب أنه لا يكفر، إذا لم تكن نية. انتهى.

وعلًق عليه ابن حجر في الإعلام، فقال: حيث لبس زي الكفار، سواء دخل دار الحرب أم لا، بنية الرضى بدينهم، أو الميل إليه، أو تهاونًا بالإسلام، كفر، وإلا فلا. انتهى. وانظر الفتوى ذات الرقم: 267331.

ونوجه نظر الأخ السائل إلى عدم التسرع في إطلاق الحكم بالكفر، فهذه الأمور تحتاج إلى ضبط، وإحكام، ولا سيما لمن كان يعاني من الوسوسة. وانظر للفائدة الفتويين ذواتي الرقمين: 317950، 355225.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني