الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل يجوز قيام الليل قبل صلاة الفجر بنصف ساعة أو ساعة ؟ وهل من عاد من قيام الليل إلى النوم نقص أجره أم بطلت؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن قيام الليل جائز قبل صلاة الفجر بساعة, أو نصف ساعة، أو أكثر، أو أقل. جاء في فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين: أحسن الله إليكم يقول هذا السائل بأنه يوتر أواخر الليل إلى قبيل صلاة الفجر بعشرين دقيقة. فهل عمله هذا جائز أم لا؟ وهل يحسب من قيام الليل؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم لا حرج أن يقوم ويتهجد، وينتهي من تهجده ووتره قبل أذان الفجر بعشرين دقيقة، أو بنصف ساعة، أو أكثر، بل إن الأفضل أن ينام نصف الليل، ثم يقوم ثلث الليل، ثم ينام سدس الليل، وهذا هو قيام داود عليه السلام، وهو أفضل القيام؛ كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. انتهى

وقيام الليل ينتهي بطلوع الفجر؛ كما سبق في الفتوى: 31638.

ومن نام بعد قيام الليل, فهذا لا ينقص أجره, ولا يبطل ما سلف من قيام الليل, فقد ورد في وصف صلاة داود عليه الصلاة والسلام (التي هي أحب الصلاة إلى الله تعالى) أنه كان ينام بعد قيام الليل, ففي الحديث المتفق عليه, واللفظ للبخاري: أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يوما، ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قال المهلب : كان داود عليه السلام يجم نفسه بنوم أول الليل، ثم يقوم في الوقت الذي ينادي الله فيه هل من سائل فأعطيه سؤله، ثم يستدرك بالنوم ما يستريح به من نصب القيام في بقية الليل، وهذا هو النوم عند السحر؛ كما ترجم به المصنف، وإنما صارت هذه الطريقة أحب من أجل الأخذ بالرفق للنفس التي يخشى منها السآمة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يمل حتى تملوا. والله يحب أن يديم فضله ويوالي إحسانه، وإنما كان ذلك أرفق لأن النوم بعد القيام يريح البدن، ويذهب ضرر السهر، وذبول الجسم بخلاف السهر إلى الصباح. وفيه من المصلحة أيضا استقبال صلاة الصبح، وأذكار النهار بنشاط وإقبال، وأنه أقرب إلى عدم الرياء؛ لأن من نام السدس الأخير أصبح ظاهر اللون سليم القوى، فهو أقرب إلى أن يخفي عمله الماضي على من يراه. انتهى

وقد ورد في الحديث المتفق عليه عن ابن عباس عندما بات عند النبي صلى الله عليه وسلم ليلة, ووصف قيامه قائلا: فقام يصلي، فقمتُ عن يساره، فأخذ بأذني فأدارني عن يمينه، فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، فآذنه بلال بالصلاة، فصلى ولم يتوضأ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني