الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجه العلاقة بين قول الله: وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا، وبين العود في الكفر

السؤال

هناك عدة أسئلة عندي لكنها ليست فقهية هي في تدبر القرآن. فهل يمكن أن أسألها هنا أو تحويلي لمن يتمكن من أجابة أسئلتي أو بعض منها.
أنا أسعى وأطلب العلم، وقرأت بفضل الله كتبا ورسائل كلها في جانب تدبر القرآن لعلماء من مختلف الأزمنة وأكثرهم ابن القيم -رحمه الله- وعلمني الله من علمه، وفتح علي بعد مرور سنين عديدة في الوسواس القهري.
وهذا فضل الله علي وعلى الناس، كما منَّ الله علي بتجميع جميع التدبرات التي علمتها في كتاب، ولم ينته، وقد لا ينتهي قبل موتي لكن أسأل من يتابعه من بعدي.
وكنت أستأذن حضراتكم من وضع إجابة حضراتكم في الكتاب -إن شاء الله- مع المصدر.
وهذه من أمثلة بعض الأسئلة ليفهم فقط المقصود.
1-{قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا ۚ وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا ۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۚ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ۚ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)}
سورة الأعراف
وجه العلاقة بين "وسع ربنا كل شيء علما " وبين العود في ملة الكفر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن قاعدتنا في هذا الموقع أن نجيب على أول سؤال فقط، ومن ثم فنحن نبين لك جواب الإشكال حول الآية الأولى التي ذكرتها، ويرجى إن أردت جواب بقية أسئلتك أن تبعثي كلا منها في سؤال مستقل.

فنقول: إن وجه العلاقة بين قوله تعالى: وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا {الأعراف:89}، وبين العود في ملة الكفر هو أن هذه العبارة دالة على التفويض لله، والتسليم له ولحكمته وعلمه التام، ومن ثم فلا يأمنون مكره؛ لأنهم لم يحيطوا بعلمه، وهو وحده العليم بكل شيء.

قال الألوسي رحمه الله: وَما يَكُونُ لَنا أي ما يصح لنا وما يقع فيكون تامة، وقد يأتي ذلك بمعنى ما ينبغي وما يليق. أَنْ نَعُودَ فِيها في حال من الأحوال أو وقت من الأوقات إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا، أي إلا حال أو وقت مشيئة الله لعودنا، والتعرض لعنوان الربوبية للتصريح بأنه المالك الذي لا يسأل عما يفعل. وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً، فهو سبحانه يعلم كل حكمة ومصلحة ومشيئته على موجب الحكمة فكل ما يقع مشتمل عليها، وهذا إشارة إلى عدم الأمن من مكر الله سبحانه فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الكافرون، وفيه من الانقطاع إلى الله تعالى ما لا يخفى، ويؤكد ذلك قوله تعالى: عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا، فإن التوكل عليه سبحانه إظهار العجز والاعتماد عليه جل شأنه، وإظهار الاسم الجليل للمبالغة، وتقديم المعمول لإفادة الحصر. انتهى، وهو بيِّن في وجه الارتباط بين الجملتين.

ونحا القاسمي منحى آخر في الربط بين الجملتين وعبارته: وَما يَكُونُ أي ينبغي لَنا أَنْ نَعُودَ أي عن دعوى الرسالة والإقرار بها فنصير فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا أي الذي يربّينا بما علم من استعدادنا، لأنه وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً، أي فعلم استعداد كل واحد في كل وقت، لكن عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا، أي ليحفظنا عن المصير إليها رَبُّنا إن قصدوا إكراهنا عليها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني