الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في انفرد الشخص عن العائلة من غير قطع ولا إساءة

السؤال

آمل توجيهي من الناحية الدينية، لما لي وعلي من حقوق وواجبات.
الموضوع أنا فرد ضمن أسرة مكونة من 10 أفراد: أب وأم، وسبعة أولاد، وبنت. ورقمي في الأبناء السابع.
أنا من مصر، من قرية تعتبر ريفية، وعاداتنا وتقاليدنا تحكم على الأب والأبناء أن يعملوا مع بعضهم على أن يدير الأمور الوالد، وكل فرد يعمل من العائلة، يعطي راتبه للوالد، والوالد مسؤول عن مصاريف البيت، وغيره. وأيضا بناء شقق للأبناء وزواجهم، ويشترط أن يكون الدور للكبير فالأصغر وهكذا، وأيضا للعلم فإن إخوتي كلهم لم يكمل أحد منهم تعليمه، ولا يمتهن مهنة. ويعملون بمهنة الصيد، وإيرادهم فيها قليل ومتقطع، بمعنى يعملون 6-7 أشهر ويجلسون خلال السنة. والحمد لله، أختي تم تزويجها، وإخوتي الخمسة الأكبر مني أيضا تزوجوا، وكل واحد لديه شقة، وأخي الأكبر لديه 7 من البنات، وأكبرهن مخطوبة وستتزوج قريبا، أنا الوحيد الذي أكملت تعليمي الجامعي. المشكلة الآن أن عمري 32 عاما، وبعد تخرجي منذ 10 سنوات وأنا مغترب، وأنزل في الإجازات لا تكاد تعد بالأيام سنويا، والحمد لله مجتهد، ولدي عمل جيد، وخلال هذه الفترة ساعدت جميع إخوتي، وتزوجوا، ومع مرو الزمن كبرت العائلة وبدأت المشاكل تظهر بسبب وجود الأطفال والنساء. والآن جاء دوري أنا للزواج، فلم أجد من يساعدني، وكل واحد من إخوتي مهتم بنفسه وأسرته فقط، ويعمل شهرا ويجلس شهرا، وبعضهم يعمل ولكن دون إيراد يذكر، لدرجة أن أحد إخوتي ذكر أنه يعمل ولم يأخذ راتبا لمدة عام، وهذا غير منطقي. ووالدي طيب، وليس له حيلة ولا قوة، ويرد علي ليس بيدي شيء أفعله، لدرجة أني كنت أرسل له أموالا ليكمل بناء شقتي، وكان يأخذ منها لكثرة مصاريف البيت، ولكيلا يمر بي الزمن وأخسر نفسي وزوجتي بسبب طول المدة قبل الزواج، اضطررت أن أقترض من شركتي، والحمد لله بنيت بيتي. وعند نزولي للزواج، احتجت بعض الأموال لإكمال الأثاث، ولم يساعدني أحد، بل بالعكس أبي كان يطالبني أن أقترض له بعض الأموال حتى يستطيع أخي الأكبر شراء تأشيرة للسفر إلى الكويت، وقال لي أنت رجل تصرف.
عاتبت أبي على عمري الذي مضى دون فائدة، وتعبي الذي ذهب هدرا، ولم أخطئ في حقه، وبكيت لله رب العالمين، ورغم عمري الذي مضي دون فائدة تذكر لنفسي، لم أقل له شيئا. وقد فرج ربنا علي، واقترضت المبلغ المتبقي من أهل زوجتي، وأكملت كل شيء والحمد لله. تزوجت، ونظرا لسفري لدولة عربية، ولأني مغترب عن أهلي، وزواجي كان لمدة عشرين يوما فقط، اضطررت إلى أن أستخرج لزوجتي تأشيرة زيارة، ولكني فوجئت باعتراض إخوتي وأبي، ولكن لاحقا وافق أبي، ولكن اثنين من إخوتي اعترضا اعتراضا شديدا، وخرجا من العائلة وأصبحا وحدهما، وأنا الآن وحدي، لا أحد يساعدني في سداد ديوني.
حالتي النفسية سيئة، ساعدت الجميع وتركوني، ووالدي لا حول له ولا قوة له، عمره الآن تجاوز 60 عاما، ولا يفعل شيئا.
جمع أبي كل ما علينا من ديون ومصاريف تأسيس شقة له، وشقة لأخي الأصغر، وسداد ديوننا وكل شخص خرج عليه تقريبا من 250 ألفا، إلى 300 ألف، وأنا علي ديون 300 ألف جنيه.
باقي إخوتي مع بعضهم في العائلة، وأنا أيضا كنت معهم، ولكن أرى أني سأظلم نفسي مرة أخرى، وأظلم زوجتي؛ لأنه ليس هناك توازن ولا عدل في العائلة، فالواضح أني سأسدد ديوني بنفسي، ولا أحد سيساعدني، وأيضا مطلوب مني أن أزوج أخي الأصغر، وبنات أخي الأكبر. وأين أنا وأولادي وزوجتي ومستقبلي؟
حالتي النفسية سيئة جدا، وقررت أن أترك العائلة وأكون لحالي، وفي نفس الوقت أعطي مبلغا شهريا بما يعادل 2500 جنيه لوالدي ووالدتي، وأسدد ديوني بنفسي، وأساعد في زواج أخي الأصغر، وبنات أخي الأكبر على قدر استطاعتي، وأن أتحمل تكاليف عمرة لوالدي ووالدتي، ولكن طلبي لاقى الرفض التام من أبي وأمي، وقد قاطعاني، ولا يتحدثان معي، لا أدري ماذا أفعل؟ لم أظلم أحدا، وهم يظلمونني، ولا أريد أن أكون عاصيا لوالدي، على الرغم من مساعدتي لهما، عمري يضيع مني، وحائر ماذا أفعل حتى أنال رضا والدي، وأؤمن مستقبلي، وأرى أن هذا ظلم وثقل كبير على ظهري.
فكيف أوصل ذلك لوالدي لعلي أحصل على رضاهما، وأحل مشكلتي؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يشرح صدرك، ويلهمك رشدك، ويتقبل منك صالح عملك، ويخلف عليك خيرا، واعلم أنّه لا حرج عليك فيما نويته من الانفراد عن العائلة من غير قطع، ولا إساءة، أو تقصير في حقوقهم، ولا يجب عليك طاعة والديك في الاشتراك مع العائلة على الوجه السابق الذي يلحق بك ضرراً، ويجحف بمالك.
لكن عليك أن تجتهد في برّ والديك وصلة رحمك، وتحرص على استرضاء والديك بكل ما تقدر عليه من غير إضرار بنفسك. واستعن بالله، واستعمل الرفق والحكمة، والمداراة في التعامل معهما.
واحرص على الإخلاص في أعمالك، واحتساب ما بذلته لله تعالى، واصبر وأبشر، فلن يضيعك الله؛ قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني