الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لها شاب ذو خلق ودين فرفضته لعدم توافق الأفكار ثم ندمت

السؤال

أنا فتاة في ال 27 من العمر. تقدم لي العديد من الخطاب، لكنني رفضتهم بعد عدم التوفيق والتيسير.
دعوت الله كثيرا أن يرزقني برجل ذي خلق ودين؛ لأن هدفي من الزواج هو أن أبني عائلة مسلمة جيدة، يمكنها أن تخدم المجتمع بالأعمال الخيرية والدعوة، والذهاب إلى الجنة معهم.
منذ فترة قصيرة، تقدم لي شاب ذو خلق ودين، يكبرني ب 10 سنوات. صليت الاستخارة كثيرا، ودعوت الله كثيرا أن يمنَّ علي بالاختيار الصحيح. وأنا عندي يقين كامل بأن الله عز وجل ما شاء فعله، وأنه الخير دائما. استمررت في الاستخارة حتى قابلته.
هو رجل يعرف الدين جيدا جدا (كما كان واضحا) ما شاء الله، وعلى خلق. وهذا الشيء الوحيد الذي أعجبني فيه. لكن أفكاره لم تكن توازن أفكاري في العلم، التعليم عامة، العمل، العمل الخيري، والخ. ولم أسترح جدا في الكلام معه. وأيضا لم تكن عنده وظيفة حالياً، وعندما سألته ما هي خطته في العمل؟ لم يكن هناك جواب واضح. كان من الواضح أنه ليس له "طموح".
بعد تفكير عميق لبضعة أيام، لم أكن على رأي أو قرار واضح، أو لم أستطع أن أتخذ قرارا. كنت أخاف أن أرفضه، ويكون هذا ذنبا علي؛ لأنه على خلق ودين. ولكن بعد استمرار الاستخارة واستشارة الأهل أيضا، والكلام معهم في الموضوع، قررنا أن أرفضه؛ لعدم توافق الأفكار. عندما رفضته، أحسست براحة نفسية في وقتها. لكن بعد مرور يومين أو ثلاثة من انتهاء الموضوع، بدأت أفكر فيه مجددا، وبدأت أحس بالندم والحزن الشديد.
إني خائفة جدا؛ لأني كنت أدعو الله عز وجل أن يرزقني رجلا على دين وخلق، وها قد أتاني، لكنني رفضته (مع العلم أن أفكارنا لم تكن متوازنة، ولم أسترح له في وقت الكلام معه). أنا خائفة من أن أكون قد رفضت رزقا من عند ربي. ولكنني لم أكن أنوي هذا. وكيف لي أن أدعو الله عز وجل مجددا، وقد رفضت استجابة الله لدعائي؟! إني حزينة جدا.
هل أخطأت؟ وماذا أفعل في هذا الشعور السيء جدا. أنا لا أريد أن أرفض الخُطاب فقط. وأنا لست من النوع الذي يصعب إرضاؤه. بالعكس أنا كل ما أريده في شريك حياتي أن يكون يعرف الله عز وجل، وأن يتقي الله في، وفي عائلته الصغيرة. لكن سبحان الله حتى الآن لم أجد شخصا أستريح له، ولا أدري لماذا؟ أنا فعلا بحاجة إلى هذه الاستشارة.
جزاكم الله كل خير، يا رب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى تبارك وتعالى أن ييسر أمرك، ويفرج كربك، ويرزقك الزوج الصالح الذي تسعدين به.

ولا شك في أنه إن أمكنك أن تجدي من يتوافق مع أفكارك؛ لكان أمرا حسنا، ولكن قد لا يجد الإنسان كل ما يتمنى.

فإن كان هذا الشاب -كما ذكرت- صاحب دين وخلق، فيرجى منه خير كثير؛ لأن مثله حث الشرع على قبوله زوجا، كما في الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.

وفي المأثور عن الحسن البصري أنه جاءه رجل، فقال له: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
والتشدد في شروط من تريدينه زوجا، قد يكون سببا في صدود الخطاب عنك، وقد يترتب على ذلك تقدم العمر وحصول العنوسة.

فنصيحتنا لك أن تقبلي بهذا الشاب زوجا، ولا بأس بأن تكرري الاستخارة فيه، وتفوضي الأمر إلى الله، فإن تم الزواج، كان فيه خير لك، وإن لم يتيسر، علمت أنه لا خير لك في الزواج منه، ونرجو مراجعة الفتوى: 123457، فقد أوضحنا فيها أن العبرة في الاستخارة بتيسير الأمر من عدمه. وراجعي في حكم تكرار الاستخارة، الفتوى: 62724.
ولا ينبغي أن تقفي عند هذه الخواطر التي تنتاب قلبك، ولا تسترسلي معها، بل اعلمي على مدافعتها، واستمري في الدعاء والاستخارة.

ومجرد كونك قد وجدت صاحب الدين والخلق، قد لا يعني استجابة دعائك، فإنك إنما دعوت أن يوفقك إلى الزواج منه، لا لمجرد وُجْدانه، والزواج لم يتحقق بعد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني