الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بقاء المرأة مع الزوج الذي لا يصلي ولا ينفق عليها ويهجرها

السؤال

أنا متزوجة منذ أربع سنوات، وزوجي مهمل للصلاة، ومدمن على القات، وفي كل مرة أنصحه يقول: سأصلي، وهو يكذب عليّ، ويقول: لن أترك القات، فهو ليس حرامًا، وتعبت -والله- من كثرة عناده، وأشعر أنه أصبح يكرهني، ولا ينفق عليّ، ودائمًا يكذب عليّ، وأصبح ينام وحده، وأنا أخاف وأتضايق؛ لأنه في غرفة، وأنا في غرفة. أرجو الرد، وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى لزوجك الهداية، والرشاد، والتوفيق إلى التوبة النصوح.

ونوصيك بكثرة الدعاء له بإخلاص، فالله عز وجل قادر على أن يصلحه، وهو سبحانه أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

وقد ذكرت عنه جملة من الأمور المنكرة التي يأتيها، ولكن من أخطرها: تفريطه في الصلاة، وشأن الصلاة عظيم، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وعماد الدين، والصلة بين العبد وربه، وقد وردت كثير من النصوص التي تحذر من التفريط فيها، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى: 355606.

وينبغي أن ينصح ويذكّر بالله عز وجل، وأليم عقابه، إن هو مات على ذلك، فلعله يتوب.

وإذا تاب، وحافظ على الصلاة، فربما صلح حاله، وأدّى إليك حقوقك، وأحسن عشرتك، فقد قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت:45}.

وإن استمر على التفريط في الصلاة، فالذي ننصحك به مفارقته بالطلاق، أو الخلع، فلا خير لك في البقاء في عصمته، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وإذا ترك الزوج حقًّا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحب لها أن تختلع منه؛ لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.

والنفقة واجبة للزوجة على زوجها بقدر الكفاية، فإذا فرّط الزوج فيها، فإنه آثم، روى أحمد، وأبو داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت.

وإن عثرت على مال لزوجك، جاز لك الأخذ بقدر نفقتك، ونفقة عيالك، ولو من غير علمه؛ للحديث الذي رواه البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- أن هند بنت عتبة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: «خذي ما يكفيك وولدك، بالمعروف».

فإن لم تجدي له مالًا، فارفعي الأمر إلى الجهات المسؤولة عن قضايا المسلمين -كالمراكز الإسلامية-.

والقات قد اختلف العلماء المعاصرون في حكمه، فينبغي الاستمرار في مناصحته بتركه، وتذكيره بأضراره.

ولا يجوز للزوج أن يهجر زوجته إلا لمسوغ شرعي، كنشوزها، ويهجرها في المضجع، كما نطق بذلك الكتاب العزيز، وانظري الفتوى: 71459، والفتوى: 389584.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني