الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حائر بين إحجاج والديه وبين إنشاء مشروع ليعيش منه

السؤال

أنا موظف في السعودية، والرواتب متأخرة بشكل مستمر، والوضع صعب، لكني فضلت أن أستقدم زوجتي وابني، بدل أن أتركهم في مصر. وتكلفتهم بالنسبة لظروفي عالية، فأنا أفكر أيضا أن أعمل زيارة لوالدي ووالدتي، وحماتي، على أمل أن يكتب الله لهم الحج. لكن طبعا تكلفتهم عالية وفقا لظروفي، وهم سيشاركون مثلا بنصف التكلفة، وأنا بالباقي، لكن هذا بالنسبة لي مبلغ كبير وفقا لظروفي، وقد قررت أن هذه آخر سنة لي في السعودية، وأريد أن أنشئ مشروعا.
فهل لو لم آت بهم، أكون قد ضننت بالفلوس عليهم، وأكون غير بار بهم، ولا أنفذ قول الرسول صلي الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. مع العلم أني عملت زيارة لأبي سنة 2014 واعتمر، بينما رفضت أمي.
بالنسبة لي لو أتيت بهم للقيام بالعمرة من مصر، فذلك أوفر لي، لكن أحب أن يحجوا، وخاصة أني موجود في السعودية، لأن تكلفة الحج عندما آتي بهم أقل من أن يأتوا من مصر.
فأنا محتار بصراحة قلبي يقول: ائت بهم، والفلوس غير مهمة، وربنا يعوضني. أما عقلي فيقول إني سأغادر نهائيا، وسأنشئ بهذه الفلوس مشروعا.
أتمنى أن تفيدوني باستفاضة، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإحجاج الوالدين غير واجب، ولكن لا شك أنه من الأعمال الصالحة العظيمة، ويرجى للولد أن يخلف اللهُ عليه ما أنفقه عليهما في الحج، فقد وعد الله تعالى من أنفق ماله في الطاعة بالخلف، كما قال عز وجل: وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ:39}.

قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: قَوْلُهُ: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}. أَيْ: مَهْمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَأَبَاحَهُ لَكُمْ، فَهُوَ يُخْلِفُهُ عَلَيْكُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْبَدَلِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالْجَزَاءِ وَالثَّوَابِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أنْفق، أنْفق عَلَيْكَ" وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ مَلِكَيْنِ يَصيحان كُلَّ يَوْمٍ، يَقُولُ أَحَدُهُمَا: "اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكا تَلَفًا"، وَيَقُولُ الْآخَرُ: "اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا" وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْفِقْ بِلَالًا، وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالَا". اهـ.

فانظر أخي السائل في أمرك، واستخر الله تعالى، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني