الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصفيد الشياطين في شهر رمضان

السؤال

السلام عليكم أفيدوني أفادكم الله، أنا ملتزمة والحمد لله، وأقوم بكل العبادات والطاعات، ولكن يأتيني دائماً وسواس يقول لي إنك تفعلين ذلك حتى يقول الناس فعلت ووسواس آخر يشككني في أشياء كثيرة وأنا أعلم أنه شيطان وأستعيذ بالله منه، وأمضي في عبادتي، ولكن الآن نحن في شهر رمضان فلماذا ما زلت أجد هذه الوساس والشياطين مصفدة في رمضان؟ وهل هي نفسي الأمارة بالسوء؟ أم ماذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فنسأل الله تعالى أن يذهب عن الأخت السائلة ما بها من بأس، ونثني على قيامها بمدافعة هذه الوساوس بالاستعاذة، والأخذ باليقين، والصبر على هذا الابتلاء، فشأن الشيطان أن يجعل من يوسوس إليه حائرا في فكره، شاكا في عبادته، مشددا على نفسه حتى يقع في المحظور، ويفقده الثقة في نفسه وفي الآخرين، ومجاهدة الأخت السائلة له في نفسها، فيها ما يمكن معه الحيلولة بين الشيطان ومراده، فلا تيأس ولا تحزن إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل:128]. أما عن سؤالك بشأن تصفيد الشياطين في شهر رمضان، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين. وفي رواية: سلسلت. وروى الترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم عنه: إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن. والمراد بالتصفيد إما على الحقيقة ليمتنعوا من إيذاء المؤمنين، أو مسترقوا السمع منهم بخاصة، وأن تسلسلهم يقع في أيام رمضان دون لياليه، لأنهم منعوا زمن نزول القرآن من استراق السمع، فزيدوا في التسلسل مبالغة في الحفظ. وإما على المجاز، ويكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو، لانكفاف الناس عن المخالفات، وقلة إغواء الشياطين، فيصيروا كالمصفدين، ويكون تصفيدهم عن أشياء دون أشياء، ولناس دون ناس. ذكر ذلك النووي عن القاضي عياض في شرحه لمسلم، و صديق حسن خان في "عون الباري". ويؤيده ما رواه البخاري في صحيحه عن علي بن الحسين رضي الله عنهما قال: إن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم على رسلكما، إنها صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا . وكذلك حديث شيطان الصلاة، فهو لا ينقطع عن الوسوسة، لا في شهر رمضان ولا في غيره، فقد أتى عثمان بن أبي العاص النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم . وقال بعض أهل العلم: إن المصفد هم بعض الشياطين، وهم المردة، ذكره القرطبي وغيره. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني