الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ولاية الولي الفاسق وتارك الصلاة عقد النكاح

السؤال

الشيخ الفاضل أفتونا في شابة مسلمة تريد الزواج من شاب مسلم، ولكن ليس لديها ولي شرعي، لها أب يدعي أنه مسلم ولكنه لا يصلي وكاره للإسلام والمسلمين، ولا يلتزم من الدين شيئا، ولها عم أحسن حالا من أبيها، لا يصلي ولكنه يقول بأنه يؤمن بالله ويصلي في الأعياد ولا يكره المسلمين، ولها عم أعلى من جدها وهو مسلم يصلي وابنه كذلك ملتزم بالدين، والسؤال عندي من أولى بالولاية لهذه الشابة؛ الأب الفاسق أو العم الذي لا يصلي أو العم الأعلى وابنه، وهل هما سواء؟ والسؤال الآخر هل ترك الصلاة يسلب من الأب الولاية مطلقا أم لا؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن شروط الولاية في النكاح الحرية والبلوغ والعقل والذكورية والإسلام وعدم الإحرام بحج أو عمرة.

وعلى هذا؛ فإن كان أبو هذه الفتاة مسلماً فهو أولى بولاية ابنته من غيره؛ وإن كان موصوفاً بالفسق، لأن الولاية في النكاح لا تشترط لها العدالة على الراجح عندنا، وهو المشهور من مذهب مالك، قال خليل بن إسحاق ممزوجاً بكلام شارحه الخرشي : "لا ذي فسق فلا يسلبها -يعني الولاية- على المشهور لكن يسلب الكمال". ا.هـ

وهذا هو إحدى الروايتين في مذهب أحمد، قال صاحب الإنصاف الحنبلي: "وأما اشتراط العدالة فأطلق المصنف فيها روايتين"، إلى أن قال: "والرواية الثانية: لا تشترط العدالة فيصح تزويج الفاسق، وهو ظاهر كلام الخرقي".

وذهب الحنابلة في الرواية الأخرى والشافعية إلى اشتراط العدالة في الولي، قال البجيرمي على المنهج وهما شافعيان: "فإن صحة النكاح تتوقف على حضور الشهود وعدالتهم وعدالة الولي."

وإنما رجحنا قول القائلين بعدم اشتراط العدالة في الولي، وخصوصاً إذا كان أباً، لأن من طبيعة الأب الولي الحرص على الأصلح لابنته، هذا عن ولاية الفاسق على العموم.

أما بخصوص ما نسب إلى أبي هذه الفتاة من ترك الصلاة فإنه ينظر فيه، فإن كان عن جحود فهو مرتد بإجماع، وإن كان تركها لمجرد تكاسل مع إقراره بوجوبها، فمذهب الجمهور أنه لا يكفر، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى هذا إن كان الترك للصلاة أحياناً، أما من يتركها بالكلية فهو كافر، ولا ينفعه الإقرار بوجوبها، وهذا هو الراجح عندنا، وانظر الفتوى رقم: 17277 ، وحيث حكم بكفره فلا يصلح ولياً لها هو ولا عمها إن حكم بكفره أيضاً، وبالتالي فإن الولاية تنتقل إلى من سمي في السؤال بالعم الأكبر، وهذا الذي ذكرناه هنا مبني على ما فهمنا من السؤال، والذي ننصح به هو الرجوع إلى المحاكم الشرعية في مثل هذه الأمور إن وجدت عندكم محاكم شرعية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني