الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في حكم من وطئ أمه أو امرأة أبيه، وهل ينفسخ نكاح أبيه

السؤال

ما الحكم في من وطىء امرأة أبيه، وهل ينفسخ نكاح الأب، وما سبب ذلك، وهل يختلف الحكم فيما إذا وطىء أمه والعياذ بالله، أرجو ذكر أقوال الفقهاء إن أمكن في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، كما قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32].

ويزداد الأمر سوءاً إذا كان بذات محرم، وقد قال الله تعالى في نكاح زوجة الأب: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً [النساء:22].

قال الشوكاني في فتح القدير: هذه الصفات الثلاث تدل على أنه من أشد المحرمات وأقبحها، وقد كانت الجاهلية تسميه نكاح المقت. انتهى.

فالزنا بامرأة الأب أو بذات محرم أشد جرماً وقبحاً من الزنا بغير ذات المحرم، وقد اختلف أهل العلم في من وطئ امرأة أبيه هل يقتل أو يحد حد الزاني؟ قولان لأهل العلم:

فقال بعضهم يقتل بكل حال، وهذا قول الإمام أحمد، ورجحه ابن القيم رحمه الله.

وقال آخرون: حده حد الزاني، إن كان محصناً رجم وإن كان بكراً جلد.

وهذا قول الحسن ومالك والشافعي وأبو حنيفة إلا أنه قال: إن وطئها بعقدٍ عذر ولا حد عليه، والقول الأول هو الذي تدل عليه الأدلة، فقد روى أبو داود وغيره عن البراء بن عازب قال: لقيت عمي ومعه الراية فقلت إلى أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله.

وعن ابن عباس مرفوعاً: من وقع على ذات محرم فاقتلواه. رواه ابن ماجه.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وهذا القول هو الصحيح، وهو مقتضى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقضاؤه أحق وأوفى. انتهى مختصراً من زاد المعاد 5/13.

وقول السائل "هل ينفسخ نكاح الأب...." قد اختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من قال ينفسخ ومنهم من قال لا ينفسخ، وهذا قول الشافعي رحمه الله، قال في الأم 5/362: أما الرجل يزني بامرأة أبيه أو امرأة ابنه، فلا تحرم واحدة منهما على زوجها بمعصية الآخر فيها.

وأما وطء الأم فهو أشد وأقبح وأطم، ومن فعل ذلك يقتل من باب أولى كما تقدم، قال ابن القيم رحمه الله تعالى، في من زنى بأمه: فإن جريمته أعظم من جريمة من زنى بامرأة أبيه. انتهى، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:3970، 7694، 34218.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني