الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استحباب جماع الزوجة صبيحة الجمعة محل خلاف بين أهل العلم

السؤال

هل الجماع بعد الفجر ومن ثم يغتسل، سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، أم مجرد استحباب وعدم الكسل لصلاة الفجر، والذي أقصده في يوم الجمعة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذهب بعض أهل العلم إلى استحباب إتيان الزوجة صباح الجمعة مستدلين بالحديث الثابت عن أوس بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غسل واغتسل وغدا وابتكر ودنا من الإمام ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة صيامها وقيامها.، قال الإمام النووي في المجموع: هذا الحديث حسن رواه أحمد بن حنبل وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم بأسانيد حسنة.

وقال رحمه الله تعالى: وروي غسل بتخفيف السين، وغسل بتشديدها، روايتان مشهورتان، والأرجح عند المحققين بالتخفيف، فعلى رواية التشديد في معناه ثلاثة أوجه (أحدها): غسل زوجته بأن جامعها فألجأها إلى الغسل، واغتسل هو قالوا: ويستحب له الجماع في هذا اليوم ليأمن أن يرى في طريقه ما يشغل قلبه.

(الثاني): أن المراد غسل أعضائه في الوضوء ثلاثاً ثلاثاً ثم اغتسل للجمعة.

والثالث: غسل ثيابه ورأسه ثم اغتسل للجمعة.

وعلى رواية التخفيف في معناه هذه الأوجه الثلاثة (أحدها): الجماع قاله الأزهري، قال ويقال: غسل امرأته إذا جامعها.

(الثاني): غسل رأسه وثيابه.

(الثالث): توضأ.

وذكر بعض الفقهاء عسل بالعين المهملة وتشديد السين أي جامع، شبه لذة الجماع بالعسل، وهذا غلط غير معروف في روايات الحديث وإنما هو تصحيف.

والمختار ما اختاره البيهقي وغيره من المحققين أنه بالتخفيف وأن معناه غسل رأسه، ويؤيده رواية لأبي داود في هذا الحديث من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل، وروى أبو داود في سننه، والبيهقي هذا التفسير عن مكحول وسعيد بن عبد العزيز، قال البيهقي: وهو بين في رواية أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما أفرد الرأس بالذكر لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي ونحوهما، وكانوا يغسلونه أولاً ثم يغتسلون. والله أعلم.

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح: وفي رواية ابن جريج عن سمي عند عبد الرزاق فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة، وظاهره أن التشبيه للكيفية لا للحكم وهو قول الأكثر، وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة، والحكمة فيه أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة ولا تمتد عينه إلى شيء يراه، وفيه حمل المرأة أيضاً على الاغتسال ذلك اليوم، وعليه حمل قائل ذلك حديث من غسل واغتسل المخرج في السنن على رواية من روى غسل بالتشديد، قال النووي: ذهب بعض أصحابنا إلى هذا وهو ضعيف أو باطل والصواب الأول. انتهى، وقد حكاه ابن قدامة عن الإمام أحمد، وثبت أيضاً عن جماعة من التابعين، وقال القرطبي: إنه أنسب الأقوال فلا وجه لادعاء بطلانه وإن كان الأول أرجح، ولعله عنى أنه باطل في المذهب. انتهى.

وقال السيوطي في تنوير الحوالك: ويؤيده حديث: أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل يوم جمعة، فإن له أجرين اثنين: أجر غسله، وأجر غسل امرأته. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة.

ويتلخص مما ذكر أن استحباب جماع الزوجة صبيحة الجمعة محل خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني