الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما هو التصرف الصحيح عند مشاهدة الأفعى في البيت أو المسجد؟ وهل هناك علاقة بين الأفعى والجن؟ وهل يجب قتل الأفعى فوراً؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

فإن العلماء اختلفوا في شأن الحيات، فقيل: تقتل جميعاً سواء كانت في الصحارى أو في البيوت فوراً، وقيل: إن التي في البيوت تنذر ثلاثة أيام ثم تقتل، وقيل: إن ذلك خاص ببيوت المدينة، ولكل من هذه الأقوال مستند من الأحاديث الواردة في هذا الموضوع غير أنهم أجمعوا على الأمر بقتل التي في الصحارى فوراً، والصحيح من الأقوال أنه صلى الله عليه وسلم أمر أولاً بقتل الحيات مطلقاً، ثم بعد ذلك نهى عن حيات البيوت باستثناء ذي الطفيتين والأبتر. وذو الطفيتين: الحية التي في ظهرها خطان. والأبتر: قصير الذنب.
ويدل لذلك حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: "اقتلوا الحيات، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما تسقطان الحبل وتطمسان البصر"، قال ابن عمر: فرآني أبو لبابة أو زيد بن الخطاب وأنا أطارد حية فنهاني، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلهن، فقال: إنه قد نهى بعد ذلك عن قتل ذوات البيوت. متفق عليه. شرح السنة للبغوي ج 12/191.
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخبروه فيه أن شاباً ضرب حية فاضطربت فخر ميتاً فما يدرى أيهما أسرع موتاً: الفتى أم الحية؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بالمدينة جنَّا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان"، أخرجه مالك في الموطأ. تنوير الحوالك 3/143.
قال بعض العلماء لا يلزم أن تؤذن الحيات إلا في المدينة خاصة لهذا الحديث، لقوله: "إن بالمدينة جناً قد أسلموا". وقال بعض العلماء: المدينة وغيرها في ذلك سواء لأن من الحيات جناً وجائز أن يكنّ بالمدينة وغيرها، وأن يسلم من شاء الله منهن، قال ابن عبد البر: والعلة الظاهرة في الحديث إسلام الجن وذلك شيء لا يوصل إلى معرفته، والأولى أن تنذر عوامر البيوت كلها، وقد روي ذلك عن مالك، والإنذار أن يقول الذي يرى الحية في بيته: أحرّج عليك أيتها الحية بالله واليوم الآخر أن تظهري لنا أو تؤذينا. التمهيد (16/263).
فتحصل من هذا أن الحيات التي في بيوت المدينة لا تقتل إلا بعد الإنذار ثلاثة أيام، باستثناء ذا الطفيتين والأبتر فيقتلان دون إنذار.
وأما في غير المدينة فقيل تنذر، وقيل: تقتل فوراً، وأما التي في الصحراء فتقتل فوراً بلا خلاف.
وأما عن علاقة الأفعى بالجن فقد اتضح من الأحاديث المتقدمة أن بعضها ربما يكون من الجن، وذلك هو السبب في إنذارها ثلاثة أيام.
والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني