الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الهدايا التشجيعية التي يقدمها البنك للمودعين

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول رب العالمين وآله وصحبه أجمعين أما بعد:
ما قولكم رحمكم الله في هذه المسألة: هل يجوز للبنك الإسلامي أو صندوق القرض الحسن أن يعطي لعملائه وأصحاب الودائع الثابتة والحسابات الجارية مبلغاً من المال كجائزة دون أن يحدد كميتها من قبل أو يعلنها أو يكون الأمر معروفاً بل حسبما يراه ويتفق كي يشجعهم ويحرضهم على تمويل وإيداع أموالهم أو شيء آخر كجهاز كمبيوتر أو الآلة الكاتبة وغيرها وإن كان الجواب سلبياً فهل عندكم طريق آخر للتشجيع والتحريض، أفيدونا بشيء من التفصيل وذكر الدليل دون أن يقتصر على الجواب بيجوز أو لا يجوز؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن قواعد الشريعة الإسلامية أنه لا يجوز انتفاع المقرض من المقترض منه وذلك لما روي من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أن كل قرض جر منفعة فهو ربا. رواه الحارث بن أبي أسامة من حديث علي بن أبي طالب وضعفه الشيخ الألباني .

واستثنى العلماء من هذا المنع ما إذا كان هذا الانتفاع لموجب آخر غير القرض كان موجوداً بينهما أو حدث له سبب، أو أن يقوم الدليل على أن المقصود مما عملاه نفع المقترض فقط، قال خليل: وحرم هديته (يعني المقترض لمقرضه) إن لم يتقدم مثلها أو يحدث موجب..... إلا أن يقوم دليل على أن القصد نفع المقترض فقط في الجميع.

وفي الفتاوى الكبرى لابن تيمية: فنهى النبي صلى الله عليه وسلم المقرض عن قبول هدية المقترض قبل الوفاء، لأن المقصود بالهدية أن يؤخر الاقتضاء وإن كان لم يشترط ذلك....

وفي غاية المنتهى وهو حنبلي: وإن فعل ما فيه نفع قبل الوفاء ولم ينو احتسابه من دينه أو مكافأته، لم يجز إلا إن جرت عادة بينهما به قبل قرض.....

وأصحاب الودائع الثابتة والحسابات الجارية هم في الغالب مقرضون للبنوك التي يمتلكون فيها تلك الحسابات، لأن هذه البنوك تنتفع بالمبالغ التي تودع فيها مثلما ينتفع المقترض بقرضه، وقد تكون هذه الودائع بصيغة مضاربة بأن يكون لأصحابها نسب من ربح البنك بحسب المبالغ المودعة، ورب المال المضارب فيه وعامل المضاربة لا يجوز أن يهدي أي منهما للآخر ما لم يكن للهدية موجب آخر غير المضاربة ففي مختصر خليل مشبها على التحريم لهدية المقترض لمقرضه، قال: كرب القراض وعامله ولو بعد شغل المال على الأرجح...

وعليه فإن كانت هذه البنوك تهدي هداياها لأولئك الذين يقرضونها أو يودعون فيها أو يقارضونها، وتعطيهم تلك التشجيعات بغية استدامة هذا الفعل فإن ذلك لا يجوز، ولا يحل للطرف المستفيد أخذه، سواء كان عميلا أو صاحب ودائع أو حسابات جارية أو غير ذلك.

وإن كان غاية البنك أو صندوق القرض الحسن هي نفع هؤلاء في حالتهم مقترضين فقط أو أن تلك الهدايا هي لأسباب أخرى ومقاصد شرعية غير تشجيع المقرضين (وهي احتمالات مستبعدة) فإنها حينئذ تجوز وهذا الذي أفتينا به هنا هو الذي نراه راجحاً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني