الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنازل المرأة عن حقها في القسم عند العقد لا عبرة به

السؤال

عندما أردت الزواج من زوجة ثانية أخبرتها بأن ظروفي لا تسمح لي بالعدل بينها وبين الزوجة الأولى في أمور كثيرة، أخبرتني بأنها موافقة على ذلك حتى أنها قالت لي يكفيني ساعتين في اليوم فقط، وعلى هذا تزوجنا والآن بعد مضي أكثر من ستة سنوات وبعد أن رزقنا الله بنتا عمرها الآن ستة سنوات بدأت تطالبني بالعدل بينها وبين الزوجة الأولى، أفتوني يرحمكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن تنازل المرأة عن حقها في القسم لا يخلو إما أن يكون مشروطاً في العقد أو بعده، فإن كان مشروطا في العقد فقد اختلف العلماء فيه، فذهب الحنابلة والشافعية إلى صحة النكاح وفساد الشرط، قال ابن قدامة الحنبلي في المقنع وهو يتكلم عن الشروط في عقد النكاح، النوع الثاني: أن يشترط ألا مهر لها ولا نفقة، أو يقسم لها أكثر من امرأته أو أقل، فالشرط باطل ويصح النكاح. انتهى.

وقال النووي -رحمه الله- في منهاج الطالبين وهو شافعي: وإن خالف –أي الشرط- مقتضى النكاح ولم يخل بمقصوده الأصلي كشرط ألا يتزوج عليها أو لا نفقة لها صح النكاح وفسد الشرط. انتهى.

وقال عليش في شرحه على مختصر خليل بن إسحاق المالكي وهو يتحدث عن الشروط في النكاح –القسم الثاني: ما يكون مناقضا لمقتضى العقد كشرطه على المرأة ألا يقسم لها، أو يؤثر عليها، أو لا ينفق عليها، أو لا يكسوها.. إلى أن قال: فهذا القسم لا يجوز اشتراطه في عقد النكاح، ويفسخ به النكاح إن شرط فيه. ثم اختلف في ذلك فقيل: يفسخ النكاح قبل الدخول وبعده، وقيل: قبل الدخول ويثبت بعده ويسقط الشرط، وهذا هو المشهور.

أما إن كان التنازل عن الحق بعد العقد برضا الزوجة فلا بأس بذلك، ولها الرجوع عن تنازلها إذا أرادت ذلك، قال في المغني: وإذا خافت المرأة نشوز زوجها وإعراضه عنها لرغبة عنها إما لمرض وكبرأو دمامة فلا بأس أن تضع عنه بعض حقوقها تسترضيه بذلك؛ لقوله تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء:128].

وقال في الإنصاف في الفقه الحنبلي: يجوز للمرأة بذل قسمها ونفقتها وغيرهما ليمسكها زوجا، ولها الرجوع لأن حقها يتجدد شيئاً فشيئاً. انتهى.

ويتحصل من هذا كله أن تنازل المرأة عن حقها في القسم عند العقد لا عبرة به عند الفقهاء، والنكاح صحيح إلا عند المالكية ففيه التفصيل المتقدم، وبعد العقد لا بأس به؛ لكنها يمكن أن تطالب بحقها إذا أرادت ذلك كما ذكر العلماء، وللمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 3329.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني