الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزيين الحرام وتسميته بغير اسمه

السؤال

أرجو أن ينشرح صدركم لطول رسالتي وأعتذر لكم مسبقا وما أطلت إلا لأضع النقاط على الحروف حتى تتضح رسالتي لكم وحتى يكون جوابكم واضحا جليا لي. ببلدنا بنك يسمى بنك التضامن وهو بنك تابع للدولة خصصته لتمويل مشاريع صغرى لتشغيل الشباب وإدماجهم في الدورة الاقتصادية للبلاد . يقدم البنك المذكور القرض بعدأن يتقدم الشاب صاحب المشروع يتقدم بملف خاص مرفق بطلب القرض إلى مكتب التشغيل الذي يقوم بتقديم الملف بعد التأكد من صحة المعلومات الشخصية الواردة فيه إلى بنك التضامن. وبعد أن يقوم البنك بدراسة الموضوع من جانبيه الاقتصادي والاجتماعي ويتبين له أن حظوظ نجاح المشروع متوفرة يوافق على تقديم القرض ثم يتصل بصاحب المشروع ليعلمه بالموافقة وبقيمة القرض وبشروط استخلاصه ويطلب منه الاتصال بتاجر من تجار المعدات التي ينوي شراءها ليسلمه فواتير تلك المعدات . يقدم صاحب المشروع تلك الفواتير للبنك الّذي يقوم بدفع ثمن المعدات مباشرة للتاجر .
وإليكم سماحة الشيخ أمثلة واقعية تحصلت على قرض (قيمته 2000دينار تونسي ) معفيا من الضرائب من المعتمدية (سلطة محلية) تحصلت على قرض (قدره 6000 دينار تونسي) من البنك المذكور 5500 دينار دفعها البنك لخلاص المعدات و 500 دينار سلمنيها نقدا. مقابل خلاص القرض أقساط شهرية على مدى سبع سنوات ابتداء من انقضا ء ستة أشهر من تاريخ تسليم القرض بما قيمته الاجمالية للأقساط التي يجب دفعها 9700 دينار تونسي . وفي حالة عدم قيامي بالدفع في الآجال المحددة لأي سبب من الأسباب فإن جميع المعدات التي اقتنيتها ودفع ثمنها البنك وكذلك غيرها مما اقتنيت بمالي الخاص من أدوات ومعدات مختلفة تحجز لفائدة البنك ولو كان سعرها يضاهي قيمة القرض أضعافا مضاعفة ولا أقدر على استرجاع أي مبلغ منه.
سماحة الشيخ إن قلتم بعدم جواز التعامل والاقتراض من هذا البنك فما هو المخرج للذي وقع في هذه الورطة عن جهالة و لو أن الجاهل لا يعذر بجهله. وأراد التوبة والتكفير عن ذنبه . سماحة الشيخ الموقر لكم بعد الله الشكر الجزيل ودمتم في رعاية الله وحفظه وحشرتم مع سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن هذه المعاملة ربوية، فالشخص فيها يقترض من البنك ستة آلاف دينار ويردها تسعة آلاف وسبع مائة دينار، وهذا هو الربا الذي كان يفعله أهل الجاهلية، ونزل القرآن بتحريمه، قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ](البقرة:278)

وأما وصف هذا الربا بأنه مشاريع لتشغيل الشباب وإدماجهم في الدورة الاقتصادية، فهو من باب تزيين الحرام وتسميته بغير اسمه، ولا يغير هذا من حقيقته أو حكمه، وبإمكان الدول أن تقرض مواطنيها قروضا حسنة، أو تدخل معهم في مضاربات شرعية صحيحة، وتجنبهم الربا الماحق الذي لا بركة فيه ولا خير، قال الله تعالى: [يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ](البقرة:276)

وبالنسبة للأخ السائل وكل أخ وقع في الربا وقرر التوبة إلى الله عزوجل فالواجب عليه أن يسعى للتخلص من هذا العقد إن استطاع، وذلك برد أصل القرض، أو كل القرض مع الفوائد إن لم يمكنه رد الأصل فقط، فإن لم يستطع رد القرض فيكفيه صدق التوبة ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والأرباح المستفادة من هذا المشروع ملك له على القول الراجح من أقول أهل العلم لحديث: الخراج بالضمان. فإنه لما كان ضامنا لهذا المال صار خراجه ( فوائده ) له، وراجع الفتوى رقم: 18275.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني