الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بطاقة الائتمان الربوية تجعل العميل غريقاً في لُجَّة الربا

السؤال

شيوخنا الأفاضل نسأل الله أن يفيد الأمة بكم وبعلمكم ويجزيكم خير الجزاء على ما تقدمونه لنا من خدمات في هذا الموقع المفيد . السؤال :
نحن مجموعة من الشباب نعمل في شركة واحدة في يوم اتصل بنا نحن المجموعة كل على مفرده بنك أمريكي مشهور له فرع في الاسكندرية اسمه سيتي بنك وقال لنا مندوبه أن البنك يعرض عليكم – مع العلم أننا لسنا عملاء في هذا البنك أو غيره حتى من قريب أو بعيد – يعرض عليكم البنك أن تستفيدوا من إحدى خدماته العالمية وهي خدمة بطاقة ماستر كارد أو فيزا كارد وطلب منا أن نملأ عقدا مع البنك واستمارات بموجبها يتم عرضها على البنك ومن ثم قد يرشحنا البنك للفوز بهذه البطاقة وبعد أسبوعين أو أكثر قليل فوجئنا أن البنك رشحنا جميعا وأعطانا بطاقةالائتمان الخاصة به التي هي الفيزا كارد وشروط استخدمها كالتالي: ( مع العلم أننا ليس لنا حتى حساب في هذا البنك ) :
- سيوفر لنا البنك حدا ائتمانيا قد يصل من 2000 إلى ثلاثة آلاف أو حتى أكثر لكل فرد في حساب البنك فتحه لنا عنده .
- يتيح لنا البنك شراء أي مشتريات من أي مكان في حدود الحد الائتماني المحدد لكل فرد .
- يتيح لنا البنك عدم السداد لهذه المشتريات في فترة خمسين يوما من تاريخ الشراء أو من تاريخ كشف الحساب .
- بعد الخمسين يوما إذا لم نسدد فإن البنك لا يمانع في ذلك ولكن يبدأ في الآتي :
§ يضيف غرامة تأخير من 40 إلى 60 جنيه لعدم السداد في الوقت المحدد وهو مدة خمسين يوما .
§ يبدأ في السماح لنا بالسداد لمبالغ المشتريات السابقة والتي تعدت المدة (50 يوما) يبدأ بإضافة نسبة 3% تقريبا شهريا على أصل المبلغ حتى لو كنت سددت جزءا منه .
- قد يتعثر بعض منا في السداد أو حتى التقسيط والسداد بعد مدة الخمسين يوما فيعرض عليه البنك بعد ذلك أنه لا مانع من ذلك التأخير ولكن يمكن لنا أن نحل تعثرك هذا بأن نعطيك قرضا من عندنا بمبلغ المشتريات السابقة كلها وتسدده لنا بنسبة جديدة هي 2% . ونعيد لك مرة أخرى الحد الائتماني المسموح به لك من الصفر وتبدأ تشتري مرة أخرى وتعاود الكرة من جديد
- وهناك عرض آخر يعرضه علينا غير المشتريات يعرض علينا سحب مبالغ مالية كما نشاء في حدود الحد الائتماني المتفق عليه ونردها ولكن بنسبة عالية قليلا .
هذا كله تقريبا هو الموضوع في ظل وحدود ما نتعامل به مع هذا البنك فهل هناك شيء من الحرمة في أي من جوانبه المذكورة أعلاه
وهل إذا كان المعاملة كلها حلالا فيها شيء - وبخاصة إذا كنا نسدد قبل موعد الخمسين يوما – فهل كوننا فقط نتعامل مع بنك مثل هذا غير إسلامي طبعا وأيضا أمريكي فهل هذا فقط حرام .
وهل طريقة شراء البضائع بهذه الصورة والمشتريات هي مرابحة على الطريقة الإسلامية
أفيدونا أفادكم الله لأن المسألة الآن أصبحت مستشرية ومنتشرة بشكل ملحوظ وظاهر في الإسكندرية كلها فشاباب المدينة أغلبهم الذين ليس لهم دخل ثابت وظروفهم صعبة نسبيا الآن أو قد يكونون في وظيفة متعثرة نسبيا من حيث قلة الراتب أو تأخر الراتب قليلا مما يسبب لهم ضيق الحياة يفاجئون أن مندوب البنك واقف أمامهم يبتسم في مقر أعمالهم المتواضع يعرض عليهم هذه الخدمة أن يكون لهم بطاقة ائتمانية يشترون بها ما يشاءون في أي وقت وأي مكان ولكنهم أغلبهم قد يجدون أنفسهم تورطوا في حمى الشراء بمبالغ كبيرة حيث يدخل بعضهم المتجر ويحمل بضائع ومأكولات حتى قد لا يحتاجها أو قد يكون لا يشتريها من قبل ولكنها تدفعه حمى الشراء بهذه البطاقة مما يجعله يعجز بعد ذلك عن السداد ويبدأ في التقسيط والقرض وغيره ..
فأرجوكم أن تقرأوا السؤال إلى آخره وتجيبونا عليه نقطة نقطة أرجوكم ولا تجيبوا عليه بإجابة عامة قد يفسرها بعض الشباب لدينا على هواه فأنا أرى أن الأمر خطير جدا وبدأ شباب الإسكندرية وأعتقد أن غيرهم من شباب مصر في القاهرة وغيرها من المدن في نفس الوضع فالحقونا وأنقذونا أفادكم الله وجزاكم الله عنا خير الجزاء

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبهك بداية وفقك الله إلى أنه لا يجوز التعامل مع البنوك الربوية بأي شكل من أشكال التعامل ولو كانت المعاملة جائزة، لأن الواجب تجاه هذه البنوك الإنكار عليها، وأقل ذلك هجرها وترك التعامل معها.

ويستثنى من ذلك ما دعت فيه الحاجة إلى التعامل معهم مثل تحويل النقود من مكان إلى مكان، حيث لا يتوفر التحويل عن طريق بنك إسلامي.

وإذا تقرر هذا، فإن التعامل مع البنك المذكور لا يجوز، ولو خلت المعاملة معه من أي محظور شرعي، فكيف والتعامل معه عن طريق هذه البطاقات فيه ما فيه من المحظورات الشرعية.

يوضح ذلك أن التعامل مع البنك عن طريقها لا يخرج في حقيقته عن اقتراض من البنك على أن العميل متى ما تأخر عن السداد أكثر من خمسين يوما لزمه دفع غرامة تأخير، وفائدة على هذا القرض، وهذا هو عين الربا، وليس مرابحة إسلامية على الإطلاق، وبالتالي، فأي تعاقد عليه يتضمن الإقرار بالربا ولو قام المتعامل بالسداد خلال الخمسين يوما، والإقرار بالربا لا يجوز كما هو معلوم.

كما أن التعامل بهذه البطاقات يجعل العميل عرضة للوقوع في الربا إذا تأخر عن السداد في مدة الخمسين يوما، سواء في ذلك الربا الذي يحتسبه البنك على مبلغ القرض الذي توفره البطاقة، أو مبلغ القرض الذي يوفره البنك لمن يعجز عن السداد، إمعانا في إغراق المتعامل معه في دوامة الربا.

وهذه المحظورات كلها إنما هي إذا تعامل بها العميل على أنه سوف يقوم بالشراء عن طريقها ويسدد خلال الخمسين يوما، أما إذا اشترى بها على أنه سوف يتأخر فعلاً أو سحب بها مبالغ نقدية مقابل فائدة، فهذا إضافة لما سبق من المحظورات اقتراض بالربا صريح، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم.

وراجع للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 18326، 6309، 18988، 6014 7768 .

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني