الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزوج من أخرى وهجر زوجته وترك لها تربية الأولاد

السؤال

أفيدوني أفادكم اللهأنا زوجة وأم لأربعة أطفال وزوجي تزوج علي من زوجة أجنبيه ولكي يهاجر معها إلى بلادها قام بارتكاب عدة أخطاء في حقي منها أنه أخذ بطاقتي بحجة أنه يريدها معه لاستخراج بعض الأوراق التي تخصني بعد عودتنا من الخارج واتفق مع ساعي البريد وأعطى له فلوساً أمام عيني بحجة أنه في انتظار أوراق تأتيه من خارج البلاد يريد ساعي البريد أن يسلمها له وفي ذلك الوقت أنا لم أكن على علم أنه متزوج وأن زوجته أحضرها وتعيش معه في بلدته وكان يسافر لها بحجة أنه يسافر ليرى والدته وفي ذات يوم وجدت ساعي البريد يحضر لي خطابا من هيئة حكومية ويريدني أن أوقع على الخطاب وطلب مني التوقيع بنفسي فوقعت على الخطاب وفتحته فوجدت ورقة بداخله مفادها أن زوجي طلقني طلاقا رجعياً وأنه تزوج من امرأة أجنبية وطبعاً هذا الخبر نزل علي كالصاعقة وأصابتني حالة من الذهول وأول تصرف فعلته أنني ناديت على أخي وأعطيته الورقة وأنا في انهيار نفسي شديد واتصلت على زوجي لكي أسأله عن سبب الطلاق وخاصة أنه كان يبيت معنا قبلها بيوموفوجئت باستهتاره للموقف وضحكه الشديد بالرغم من سوء حالتي النفسية في ذلك اليوم وقال لي بكل سهولة يا خائبة وهو يضحك في التليفون أنا عندما أحضر سوف أفهمك كل شيء وحضر في نفس اليوم وهو على نفس الحالة من الضحك وأنا على حالتي من الذهول والبكاء وقال هذه أوراق صورية وأصنعها فقط للسفر إلى الخارج وأنا غير متزوج وهذا الزواج حدث فقط في البلد الذي كنا فيه ثم طلقتها وهي عادت إلى بلادها ولكن أنا أخذت الأوراق هذه وسجلتها فقط لإمكانية السفر إلى الخارج وتشاجر معي بسبب إعطائي ورقة الطلاق لأخي وتشاجر معي لأنني ذكرت لأخي هذا الكلام وطلب مني إحضار الورقة من أخي وطبعا أنا صدقته في كلامه وبالفعل سحبت الورقة من أخي وأخذت وعدا من زوجي أنه سوف يردني وطبعا أنا اضطررت إلى السكوت من أجل أبنائي بالرغم من تعبي النفسي بسبب تلاعبه بعواطفي واستهتاره بي إلى هذه الدرجة وبعد سحبي للورقة من أخي أخذها مني زوجي وأصبح كل يوم يراوغني في ردي ويقول هذا طلاق صوري فقط وطبعا أنا لم أسترح له وصممت على ردي رسمياً وفي ذات يوم سافرت معه لعمل الأوراق من بلدته وفوجئت ببعض الأشياء في شقتي التي توجد هناك في بيت أهله وهذه الأشياء تخص امرأة أخرى وعرفت من بعض الناس هناك أنها كانت موجودة منذ شهر أي بنفس التاريخ الذي جاءت فيه الورقة فزادت حالتي سوءا وطلبت منه أن أغادر المكان فوراً فلم يطعني وتشاجرنا معا لدرجة أنه رفع على عنقي السكينة ومنذ ذلك اليوم وهو سقط من حياتي كزوج وأصبحت أكرهه كل الكره المهم أنه أخذني إلى المأذون الذي قام بعمل ورقة الطلاق الصورية لكي يردني وهناك حاول معي كثيراً أن لا أصنع قسيمة الزواج لردي ولكن أنا صممت أن تعمل لي ورقة وبالفعل قام المأذون بعمل بعض الأوراق ومضيت عليها وقال لي المأذون سوف أرسل لك ورقتك وبعد مدة اتصل بي المأذون وقال أنا سوف أعطي الورقة لزوجك ليوصلها لك وبالفعل أعطاها له ولكن زوجي رفض تسليمي الورقة وظلت معه وفي يوم من الأيام أحضر زوجته وعاشت معه في بلدته لمدة عام وفي يوم من أيام فوجئت به يقول أنه مسافر إلى نفس البلد الذي كنا فيه للبحث عن عمل بعد يومين وطبعا سافر وأخذ معه زوجته ولكنني علمت أنه سافر إلى موطن زوجته وظل لمدة نصف عام يكذب علي ويقول أنه في نفس البلد الذي كنا فيه المهم أنه هاجر إلى موطن زوجته وأن ورقة إثبات أنه زوجي معه وأظن أنها لم تسجل رسمياً لدى الحكومة وطبعا ترك لي تربية الأولاد ويعلم الله أنني أتعب كثيراً في تربيتهم ولا أريد شيئا منه سوى أن يعتقني لوجه الله فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ويعلم الله مدى الحزن الموجود بداخلي وأريد الانفصال منه ولكنه يقول أنني لو سعيت لطلب الطلاق سوف يدوخني بالمحاكم وسوف يأخذ الأولاد مني ماذا أصنع أفيدوني؟ وخاصة أنني دائما في حالة حزن شديد بسبب الذي حدث معي وخاصة أنني خدمته كثيراً في بلاد الغربة فكنت أعطي الدروس وأسلمه النقود في يده وكنت أسهر الليالي بعد عناء طوال اليوم لأكتب له أوراقاً على الألة الكاتبة وعلى الكمبيوتر لمدة عشر سنوات وهو ينام بجانبي في الغرفة وأنا أسهر للصباح لكتابة الأوراق له لأنه كان يحضر دراسات عليا ثم الماجستير ثم الدكتوراة ولم أصنع معه أي سوء ولكنه كان دائم الشجار معي بسبب أنه كان يريد أن يتزوج ماذا أصنع وأنا أحس دائما الآن أنني لا أريد الارتباط بهذا الشخص لأنه أتعبني كثيراً وأدخل علي حزنا شديداً واستهتر بمشاعري كإنسان وأظن أن الله لا يحلل هذا وأظن أن الله لا يرضى بالظلم لعباده وهل يعيش إنسان يتمتع بالحياة ويترك زوجة تربي أربعة أطفال ويهاجر ويتركهم بدون تربية وبدون مراعاة الله فيهم إنهم أنفس تريد الحنان من الأب والأم وتريد أن تحس بالأمان وأين تربية الأبناء الإسلامية التي فرضها الله عز وجل هل حب الشهوات من النساء يحلل ما فعل هذا الأب وهجرته هذه إلى خارج البلاد ويعلم الله إلى متى ويعلم الله متى يرجع أليس هذا ظلم للزوجة والأبناء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الحال على ما وصفت حقاً، فلا شك أن هذا الزوج أخطأ في حقك، ولم يمتثل أمر الله تعالى، ولم يحفظ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعلى كل، فالذي نوصيك به الآن هو التفاهم مع زوجك، وتذكيره بحقك عليه في إعفافك، وحق أولاده عليه في التربية والرعاية، والاتفاق معه على ما تقتضيه من الإقامة معه في تلك البلاد، أو العودة إليكم حسب الإمكان، وذكريه بما قد يترتب على هذا الحال الذي هو عليه من تشتت الأسرة وضياع العيال، فإن تم الاتفاق فالحمد لله.

وإن أصر الزوج على عدم العودة أو الاستقدام، ودون أن يكون له عذر، وكان بإمكانك الصبر على هذا الحال رعاية لأولادك، ونظراً لمصلحتهم عسى أن يعود أبوهم إلى رشده، ويرجع عما هو عليه من تضييع حقك وحقهم، فلا شك أن هذا أولى، وإن خشيت على نفسك الضرر، أو على أولادك الضياع بسبب عدم النفقة، أو رأيت مخالعته بسبب كرهك إياه جاز لك رفع الأمر إلى القاضي، ليحكم بما تقتضيه كل حالة من طلاق أو إلزام بالنفقة ونحو ذلك.

واعلمي أنه لا يجوز لك الطلاق لمجرد كون زوجك قد تزوج من امرأة أخرى، لأن هذا أمر أباحه الله تعالى.

وبخصوص الطلقة التي أوقعها عليك، فإن كان قد تلفظ بها، فتحسب تطليقة، ولا عبرة بادعائه أنه فعل ذلك لمصلحة خاصة، وإن اكتفى بمجرد كتابة الطلاق دون التلفظ به فالراجح عدم وقوع الطلاق بمجرد الكتابة إلا مع العزم على الوقوع، وقد بينا ذلك بالفتوى رقم: 8656.

وعلى تقدير وقوع الطلقة وكانت الأولى أو الثانية، فتكون رجعية يملك الزوج فيها إرجاعك بلا عقد جديد أو مهر جديد، ويستحب الإشهاد عليها، وإذا انقضت العدة ولم يراجع كانت الطلقة بائنة بينونة صغرى لا يملك الزوج فيها الرجعة إلا بعقد ومهر جديدين، فإذا فعل ذلك صح النكاح ولو لم يوثق بالكتابة عند القاضي أو المأذون.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني