الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختلاف العلماء في فهم النصوص لا يناقض آية إكمال الدين

السؤال

كما هو معلوم بأن الدين الإسلامي قد اكتمل، وأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد أدى رسالته على أكمل وجه، وبين الأحكام والشرائع السماوية من دون نقصان , والدليل على ذلك هو قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا...) حيث نزلت الآية الكريمة في حجة الوداع كما هو معلوم...فالآية واضحة الدلالة , وسؤالي هو قد قرأت في صحيح مسلم الحديث الشريف التالي :- عن جابر بن سمرة قال :- قال النبي صلى الله عليه وسلم:- ( لا يزال هذا الأمر عزيزا إلى اثني عشر خليفة قال ثم تكلم بشيء لم أفهمه فقلت لأبي ما قال، فقال كلهم من قريش )...هذا هو نص الحديث في " صحيح مسلم " , كما أنه ورد في " صحيح البخاري " كذلك ولكن مع اختلاف بسيط في الألفاظ, وقد قرأت رأي العلماء في تفسيرهم لهذا الحديث ولم أصل إلى رأي ثابت لديهم حيث تضاربت وتناقضت آراؤهم في من يكون " الاثني عشر " خليفة من بعد الرسول (صلى الله عليه وسلم)....ألا يعتبر تناقض العلماء وتضاربهم مع بعضهم البعض , مناقضا للآية الكريمة ؟ كيف ذلك والدين قد اكتمل بنص القرآن الكريم ؟.... أوضحوا تلك الشبهة
رحمكم الله.... لكم فائق الاحترام والتقدير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحديث الذي أوردته، وذكرت أنه حيرك اختلاف العلماء حول تعيين الأئمة الاثني عشر المذكورين فيه، فقد كنا تعرضنا للاختلاف حوله في فتاوى سابقة، وبينا الراجح عندنا من أقوال أهل العلم فيه، فراجع في ذلك فتوانا رقم: 6305.

وعن تضارب العلماء واختلافهم في أمور الدين فليس فيه ما يستغرب، وليس مناقضا للآية الكريمة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً}(المائدة: 3)

فالوحي قد كمل قطعا، والدين قد تم، ولكن هذا لا يمنع من الاختلاف في فهم آية أو صحة حديث، أو كون بعض ذلك ناسخا أو منسوخا، أو مخصصا أو مقيدا أو مبينا، ونحو ذلك مما تمليه أساليب اللغة وأصول التشريع.

والاختلاف في الدين ينقسم إلى قسمين، فما كان منه متعلقا بالعقائد وأصول الأحكام، وما ثبت بإجماع صحيح فهذا لا يجوز التفرق فيه.

وما كان من خلاف في الفروع، والمسائل الخاضعة للاجتهاد فهذا لا حرج في الاختلاف فيه ولا مذمة، وراجع في نوعي الاختلاف الفتوى رقم: 8675.

وبناء عليه فلا ضير في تضارب أقوال أهل العلم حول تعيين الأئمة في الحديث المذكور طالما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرِّف بهم، ولم يعط من صفاتهم ما يقطع النزاع فيهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني