الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محاذير إطلاق النظر في الأفلام الخليعة

السؤال

أنا مقيم على مشاهدة أفلام الجنس، هل الوضوء يمسح تلك الآثام؟ أرجوكم أن تجيبوني بالكتابة الأولى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمشاهدة الأفلام الخليعة مما نهى الله تعالى عنه بقوله تعالى: [قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ] (النور: 30).

وإطلاق النظر في الأفلام الخليعة يؤدي إلى أمراض النفس وقسوة القلب والزهد في الحلال والتجرؤ على ارتكاب الفواحش والمعاصي والتهاون فيها.

والذي يظهر لنا أن الإصرار على النظر إلى أفلام الجنس بشهوة مع خوف الفتنة يعد من الكبائر، قال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله: الكبيرة الثانية والأربعون بعد المائتين: نظر الأجنبية بشهوة مع خوف فتنة..

فإذا كان نظر الأجنبية بشهوة وخوف فتنة من كبائر الذنوب فنظر الأفلام الخليعة أولى بذلك، لتمكن الناظر فيها من رؤية ما لا يمكن الاطلاع عليه في الخارج إلا بمشقة مع إدامة النظر وتكراره، وحصول الشهوة غالبا، وما يترتب على ذلك من ألوان الفساد كالاستمناء أو الوقوع في الزنا أو الفاحشة.

هذا بالإضافة إلى ما تقرر عند أهل العلم من أن الإصرار على الصغيرة معدود من الكبائر، كما جاء عن ابن عباس: لا صغيرة مع الإصرار.

ومعلوم أن الكبائر لا تكفرها إلا التوبة، فلا يكفرها الوضوء ولا الصلاة، وعليه، فننصح السائل الكريم بالابتعاد عن مشاهدة هذه الأفلام التي تدمر الأخلاق وتفسد الشباب، وبالمبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

واعلم أخي الكريم أن الله جل وعلا أمر المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم فقال: [قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ] (النور: 30-31).

فمن لم يغض بصره فقد خالف أمر الله وعرَّض نعمة البصر التي أنعم الله عليه بها للزوال، وهي نعمة لا يعرف كثر من الناس قيمتها إلا عند فقدهم لها والعياذ بالله، فمن أطلق العنان للبصر في نظر المحرمات فعليه أن يتوقع أمورا:

أ‌- زوال نعمة البصر، لأن النعم تقيد بالشكر وتعرض للزوال بالكفران، وقد عرّف العلماء شكر النعم بأنه صرفها في ما يرضي الله، كما عرفوا كفرانها بأنه صرفها فيما لا يرضي الله تعالى.

ب‌- أن إطلاق البصر قد يؤدي إلى الوقوع في الفاحشة، فالنظر بريد القلب.

جـ ‌- أنه يظلم القلب، فمن حفظ بصره نور الله بصيرته، والعكس بالعكس، والشاهد هو قول الله جل وعلا: [كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] (المطففين: 14).

د ‌- التعرض لسخط الله ومقته، ومن سخط الله عليه فقد هلك.

هـ ‌- أنه من جملة المعاصي، ومن عاجل عقاب المعصية أن تتيسر للعبد معاص أخرى، ويحرم التوفيق لكثير من الطاعات.. إلى غير ذلك.

وأما عقاب المطلع على تلك الصور فمن جملته هذه الأضرار التي أشرنا إليها آنفا، إضافة إلى ما ينتظره من عذاب الله في الآخرة إن لم يمنّ الله عليه بالمغفرة والعفو.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني