الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحق للأب منع بنته المعقود عليها من الخروج مع زوجها

السؤال

أنا كاتب كتابي هل تخرج زوجتي بإذن أبيها أم بإذني وما هي حقوقي عليها، وهل يجوز لأبيها منعها ومنعي من الخروج سوياً؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قرر أهل العلم أن الزوج له حق الطاعة إن كان قد وفَّى الزوجة حقها من المهر والنفقة، فإذا لم يقم لها بحقها كأن منعها المهر المعجل فلها أن تمنع نفسها إن كان لم يجامعها راضية، ولأبيها أن يمنعه من الخروج بها، أما إذا مكنته من نفسها فجامعها ثم أرادت أن تمنع نفسها حتى يدفع لها المهر فليس لها ذلك؛ بل يصبح المهر دينا عليه.

وأما إذا منعها النفقة فلها أن ترفع أمرها للقضاء مطالبة بالفسخ أو تمنع نفسها منه ولكن لا نفقة لها في الأيام التي امتنعت فيها من تسليم نفسها، وننبه إلى أن الزوجة تستحق النفقة بتمكين الزوج من الاستمتاع بها، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 2317.

وهذه بعض النصوص عن أهل العلم تدل على ما ذكرنا:

قال الإمام النووي في المنهاج وهو يتكلم عن المهر: ولها حبس نفسها لتقبض المهر المعين والحالَّ لا المؤجل، فلو حلَّ قبل التسليم فلا حبس في الأصح.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في فتح الوهاب: (ولها حبس نفسها لتقبض غير مؤجل) من مهر معين أو حال (ملكته بنكاح).... (ولو بادرت فمكنت طالبت) بالمهر، (فإن لم يطأ امتنعت حتى يسلم المهر)، وإن وطئها طائعة فليس لها الامتناع بخلاف ما إذا وطئها مكرهة أو صغيرة أو مجنونة لعدم الاعتداد بتسليمهن.

وقال الرملي رحمه الله تعالى في نهاية المحتاج وهو يتحدث عن إعسار الزوج بالنفقة أو امتناعه من دفعها: إذا (أعسر) الزوج (بها) أي النفقة (فإن صبرت) زوجته ولم تمنعه تمتعاً مباحاً (صارت) كسائر المؤن ما سوى المسكن لما مر أنه إمتاع (دينا عليه) وإن لم يفرضها حاكم لأنها في مقابلة التمكين (وإلا) بأن لم تصبر ابتداء أو انتهاء بأن صبرت ثم عنَّ لها الفسخ كما سيعلم من كلامه (فلها الفسخ) بالطريق الآتي (على الأظهر).

وقال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى في تحفة المحتاج وهو يعدد ما به تكون المرأة ناشزة: (والخروج من بيته) أي من محل رضي بإقامتها به ولو بيتها أو بيت أبيها كما هو ظاهر ولو لعيادة وإن كان غائباً بتفصيله الآتي (بلا إذن) منه ولا ظن رضاه عصيان و(نشوز) إذ له حق الحبس في مقابلة المؤن... (إلا أن يشرف) البيت... (على انهدام)... أو تخاف على نفسها أو مالها -كما هو ظاهر- من فاسق أو سارق.... أو تحتاج إلى الخروج لقاض تطلب عنده حقها أو لتعلم أو استفتاء إن لم يغنها الزوج الثقة: أي أو نحو محرمها -كما هو ظاهر- أو يخرجها معير المنزل أو متعد ظلماً أو يهددها بضرب فتمتنع فتخرج خوفا منه إن تعين طريقاً، فخروجها حينئذ ليس بنشوز لعذرها فتستحق النفقة. انتهى.

وقال ابن الهمام الحنفي رحمه الله تعالى: هذا؛ وللأب أن يسافر بالبكر قبل إيفائه، في الفتاوي: رجل زوج بنته البكر البالغة ثم أراد أن يتحول إلى بلد آخر بعياله فله أن يحملها معه وإن كره الزوج، فإن أعطاها المهر كان له أن يحبسها. انتهى، فإذا كان للأب أن يسافر ببنته لعدم وفاء الزوج بالمهر فإنه له أن يمنعها من الخروج معه.

وأما عن حقوق الزوج على زوجته، فسبق ذكرها في الفتوى رقم: 27662، ثم إننا ننبهك إلى أن بعض الناس يتحفظون على أن يخلو الأزواج ببناتهم قبل إشهار النكاح في وليمة يدعى لها الناس خشية على بنتها مما قد تتعرض له على ألسنة الناس، فينبغي للزوج مراعاة هذه الهواجس وأن يقدر حالة الأهل، وراجع الفتوى رقم: 5859.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني