الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعيين الليلة التي يأمر الله الملائكة بكتابة ما يكون في ذلك العام

السؤال

ما المقصود بأن الآجال تقطع كل سنة، أرجو إفادتي بالكتب التي تناولت ذلك وأقصد كتب السلف المتقدمين، كما أريد أن أسأل عن شرح حديث جاء عن عائشة عند أبي يعلى: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله، فسألته فقال: إن الله يكتب فيه كل نفس ميتة تلك السنة، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذكر أهل العلم أن الله تعالى يأمر الملائكة ليلة القدر بكتابة ما يكون في ذلك العام من اللوح المحفوظ، ولم يزل ذلك في علمه عز وجل قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام، واستدلوا بقوله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ {الدخان:3-4}، قال الإمام القرطبي: قال ابن عباس: يحكم الله أمر الدنيا إلى قابل في ليلة القدر ما كان من حياة أو موت أو رزق، وقاله قتادة ومجاهد والحسن وغيرهم. وقيل إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يتغيران قاله ابن عمر، قال المهدوي: ومعنى هذا القول أمر الله عز وجل الملائكة بما يكون في ذلك العام ولم يزل ذلك في علمه عز وجل، قال ابن عباس: ينسخ من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر حتى الحج، يقال: يحج فلان ولا يحج فلان، وقال في هذه الآية: وإنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى. وهذه الإبانة لأحكام السنة إنما هي للملائكة الموكلين بأسباب الخلق. انتهى.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذه الليلة ليلة النصف من شعبان وهو قول عكرمة، واحتجوا بما رواه ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار قال: لم يكن رسول الله في شهر أكثر صياماً منه في شعبان، وذلك أنه تنسخ فيه آجال من يموت. قال القاضي أبو بكر بن العربي: وهذا القول باطل لأن الله تعالى قال في كتابه الصادق القاطع: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ. فنص على أن ميقات نزوله في شهر رمضان، ثم عين زمانه الليل ها هنا بقوله تعالى: لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ. فمن زعم أنه في غيره فقد أعظم على الله الفرية، وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها فلا تلتفتوا إليها. انتهى. للاستزادة راجع تفسير القرطبي والطبري وابن كثير والدر المنثور وأضواء البيان للشنقيطي عند آية الدخان.

أما الحديث المذكور فإسناده ضعيف ضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب، وضعفه المحقق لمسند أبي يعلى. وقد صح عند النسائي وأبي داود وصححه ابن خزيمة وحسنه الألباني من حديث أسامة قال: قلت: يا رسول الله ما أراك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم. قال الإمام النووي في المجموع: تخصيص شعبان لأنه ترفع فيه أعمال السنة. انتهى، قال الشوكاني في النيل: وهو الأولى في التعليل. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني