الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تصرف التبرعات في غير مراد المتبرع و من أحق بزكاة الفطر

السؤال

شيخنا الفاضل، سؤالي الأول هو: نحن جماعة من المسلمين نعيش في بلاد الغرب ولدينا مسجد ولكن في هذه الآونة الأخيرة اشترينا مسجداً بجوار مسجدنا المذكور، وليس بينهما إلا أن نهدم الحائط الذي بين المسجد القديم والمسجد الجديد فيصبح مسجداً واحداً وسبب الشراء هو الضيق الذي نعانيه في الجمعة والأعياد ورمضان ثم لتوسعة المسجد لمكان الصلاة للرجال والنساء والشباب ومكان التعليم، والسؤال المطروح هو: قبل الشراء اتفقنا مع بعض الأشخاص من الجماعة بفرض قدر من المال قدره 500 يورو أوروبي على كل شخص من الجماعة المنخرطة معنا بهذا المسجد وهذا المبلغ يدفع كليا أو مقسما (تقسيطاً) لكل شهر حسب استطاعة الشخص وما يقدر عليه أن يدفعه كل مرة، كما اتفقنا مع الآباء وأولياء التلاميذ الذين يدرسون بمسجدنا أن يشاركونا في هذا الخير أعني أن يوافقوا ويدفعوا هذا المبلغ المذكور أعلاه 500يورو ، وذكرنا بضرورة المشاركة في هذا المبلغ حتى لا يقع النزاع بين المؤدي وغير المؤدي، لأن هناك من يقول أنا ليس عندي أولاد وأديت المبلغ وذاك له أبناء ولم يؤد شيئاً مستحيل، وهذا المكان اشتريناه 150.000 يورو زائد 16.000 يورو لوثائق المسجد و5000 يورو للبائع إعانة للضريبة، ثم بعدها ثمن المهندس المعماري والإصلاح هذا لم نصله بعد إلا أننا قد دفعنا 100.000 و50.000 قسمت على 24 شهراً ابتداء من شهر يوليو 2004 نؤدي 2084 شهرياً لصاحب المحل مع زيادة مصاريف المسجد بما في ذلك الإمام والضوء والماء والشوفاج وما يلزم المسجد تقريبا يصل العدد إلى 4000 شهرياً ونحن نرى أن المداخيل قليلة فلهذا نفرض على الجماعة هذا العدد وعلى الآباء لتحقق هذا المشروع الذي سيعود علينا وعلى مستقبل أبنائنا بالمنفعة ولجميع المسلمين بهذه الديار، ولكم الشكر الجزيل.
ملاحظة: هناك بعض الآباء يقولون نحن لسنا راضين لأداء هذا المبلغ لتوسعة المسجد ولكننا راضون لأداء هذا المبلغ 500 يورو لإصلاح أماكن التعليم (أعني الأقسام) وزيادة الأقسام وتنظيفها وشراء مقاعد جدد وما يلزم القسم؟
السؤال الثاني: إن سمحتم وهذا لمصلحة المسلمين وخوفا من الإثم والمعصية زكاة الفطر، كل عام يحدث نزاع مع المسجلين لزكاة الفطر في العشر الأواخر من رمضان من كل عام نفتح التسجيل لزكاة الفطر ولكن يأتي الكثير للتسجيل مع جميع الأنحاء ومن جميع المدن ونحن نرى أن هذا كثير، كم يأخذ كل شخص، وهناك من يسجل في كثير من الأماكن أعني المساجد وهناك من لا يسجل سوى في المكان الذي يصلي فيه ثم هناك من نعرفهم لا يأتي للتسجيل ينتظرنا لنسجله وحينما نغلق التسجيل يأتي بعدها من يخاصمنا على أن زكاة الفطر التي نجمعها ليست لنا هي من الجماعة، لأننا نرفض بعض الأشخاص غير المعروفين ويقع النزاع، وهذه المرة اقترحنا على بعض المساجد المجاورة على أن نفتح التسجيل في مرة واحدة ونغلق في مرة واحدة، كما اتفقنا على أن نعين عددا محددا لكل مسجد ونسجل أولاً الفقراء والمساكين والطلبة الذين يصلون معنا في المسجد ثم نكمل العدد بالآتين من الأماكن الأخرى وقبل العيد نجتمع فيما بيننا لمراقبة أسماء المسجلين في مساجدنا وعند اكتشاف شخص مسجل في مسجدين أو ثلاثة مساجد نترك اسما واحدا ونلغي باقي الأسماء المكررة، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ريب أن على المسلمين المقيمن في بلاد الغرب أن يتعاونوا على أن يحيوا حياة إسلامية في تلك البيئات الغربية، وأول ما يجب أن يفعلوه هو بناء المساجد والمراكز التي تجمعهم خمس مرات في اليوم على البر والتقوى، يؤدون فيها فرائض الله جل وعلا، ويدرسون ويُدرِّسون فيها أبناءهم كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر لا يتم إلا بدفع كل شخص ما يستطيع من مال لبناء المسجد والمدرسة والمركز، فالإنفاق في هذا الباب من أفضل وجوه الإنفاق لما ينتج عنه من حفاظ المسلمين على دينهم وقيامهم بواجباته وأركانه، وهو لون من ألوان الجهاد في سبيل الله تعالى، وبناء المساجد فرض كفاية في الأمصار والقرى والمحال ونحوها حسب الحاجة، جاء في كشاف القناع: يجب بناء المساجد في الأمصار والقرى والمحال ونحوها حسب الحاجة فهو فرض كفاية. انتهى.

ومعنى فرض كفاية : أنه إذا قام واحد أو مجموعة ببناء المسجد فقد سقط الإثم عن الآخرين ، وإن تركوها جميعاً أثموا جميعاً؛ فالمقصود أن الناس إذا احتاجوا إلى مسجد أو توسعته وجب عليهم جميعاً فعل ذلك فإذا قام به من فيه كفاية أجزأ عنهم، ويسقط الطلب الجازم والإثم بفعل من يكفي، وعليه فإذا لم تتم توسعة المسجد إلا بفرض مبالغ على أهل المنطقة فهو متعين لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأن أمكن توسعته بالبعض لم يجب على الباقي وبقي الأمر على الاستحباب في حقهم.

ولا بأس أن يُفرض مبلغ من المال على أولياء أمور الطلاب الذين يدرسون في الفصول التابعة لهذا المسجد، ويكون ذلك أجرة مفروضة عليهم مقابل تدريس أولادهم.

وننبه إلى أن هذه الأموال إن دفعت لا على أنها لتوسعة المسجد وإنما لغرض خاص في المركز كإصلاح أماكن التعليم و نحو ذلكه فلا تصرف في غير ما دفعت له، وانظر الفتوى رقم: 9488.

أما بخصوص السؤال الثاني فإن من مصارف زكاة الفطر الفقراء والمساكين، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 12597.

والأصل أنها تدفع لمستحقيها من أهل البلد الذي وجبت فيه، وعليه فأهل منطقتكم ومسجدكم مقدمون على غيرهم في الأحوال العادية، لكن إن كان بغيرهم حاجة شديدة أو فاقة ونحو ذلك؛ فلا بأس بدفع الزكاة إليهم، ويدل على ذلك أن معاذاً رضي الله عنه كان يبعث بزكاة اليمن إلى الفقراء بالمدينة المنورة، للغرض المتقدم، كما أن الفقير يعطى منها بقدر حاجته ولو تكرر إعطاؤه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فلا يجوز أن تكون التسوية بين الأصناف واجبة ولا مستحبه بل العطاء بحسب الحاجة والمنفعة. انتهى.

ولا مانع من تشكيل لجنة مشتركة تقوم بتوزيع الزكاة ومعرفة المستحقين والمحتاجين ووضع الآليات ووسائل تعين على ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني