الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأم أحق الناس بحسن الصحبة

السؤال

أمي تتلفظ دائما بألفاظ نابية وتعايرني بأني مطلقة ولن أتزوج ولن أنجب، كرهت حياتي معها أريد أن أترك البيت ولكن لأني بنت يقولون لي لا يمكن أن أجلس لوحدي ضاقت بي الحياة، مع العلم أني متدينة ولله الحمد
أرجو أن أجد مخرجا لما أنا فيه.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن شدائد الدنيا عن قريب ستنقطع، وأفلح من صبر واحتسب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط. رواه مسلم.

وإن ما أنت فيه لا يقارن بما تعرض له نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد عيروه وقالوا: أبتر، وسبوه وقالوا كذاب، ثم إنك إن استعرضت سيرته سترين العجب العجاب من أنواع البلايا، فتسلي بقراءة سيرته الشريفة، ثم تسلي بقراءة سورة يوسف وقارني بين ما ابتلي به يوسف عليه السلام وبين ما أنت فيه من البلاء.

فاخفضي الجناح لأمك واصبري على أذاها، فهي باب مفتوح لك إلى الجنة، فقد أتى بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذالك وجه الله والدار الآخرة، قال: ويحك، أحية أمك؟ قلت نعم يا رسول الله، قال: ويحك الزم رجلها فثم الجنة. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

والأم هي أعظم أصحاب الحقوق على المرء، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم.

وإن ما يصدر من أمك مما يسيئك لا يسقط بحال من الأحوال حقها عليك من البر والإحسان، خاصة وقد وصانا الله بها في قوله: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف: 15} وقرن بين حقه وحق الوالدين، فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23}, وانظري الفتويين: 21916، 35463، فلا تخرجي من بيتك وتتركيها، واستعيني بالله وألحي عليه في الدعاء أن يهدي أمك، وأن يعينك على برها، وأن يصلح ما بينكما، ولعل ما يبدو من أمك سببه تقصيرك في حقها، فاجتهدي في الإحسان إليها، فإن الإحسان يغير كثيرا من النفوس، كما قال الله تعالى: فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34}.

وننصحك بأن تنشغلي بما ينفعك وأن تصحبي الأخوات الصالحات الفاضلات، وتعاوني معهن على الخير، من حفظ لكتاب الله ومدارسة لكتب العلم النافع، ولا تفكري في الإقامة بمفردك فإنه قد يترتب عليها محاذير كثيرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني