الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخيار من الرجال لا يضربون الناشزات من النساء

السؤال

هل امتناع زوجتي عني يوجب لي أن أضربها أي في حكم الناشز؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فامتناع الزوجة عن إجابة زوجها إذا دعاها إلى فراشه لغير عذر معتبر شرعاً محرم، ويعد نشوزا لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه من حديث أبي هريرة، وهذا لفظ مسلم. قال النووي رحمه الله: هذا دليل على تحريم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي. انتهى. والناشز يتعامل معها بالتدرج كما هو مبين في الآية من سورة النساء بالوعظ أولا، ثم الهجر، ثم الضرب غير المبرح، قال الله تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً {النساء: 34}.غير أن ترك الضرب أفضل، قال الدكتور عبد الكريم زيدان: والراجح أن ضرب الزوج زوجته على وجه التأديب مباح إذا لم ينفع معها الوعظ والهجر، ولم يستطع الزوج الصبر على نشوزها ومعصيتها، ويكون ترك الضرب أفضل إذا أمكن إصلاح الزوجة بدون ضرب، وإن استلزم ذلك الصبر عليها والاستمرار على معالجة عصيانها بالوعظ والهجر، لدلالة بعض الأحاديث النبوية الشريفة على أن الأولى والأفضل هو ترك الضرب، وهذا ما أخذ به الإمام الشافعي فعنده ترك الضرب أولى وأفضل، ويؤيد هذه الأفضلية لترك الضرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يضرب زوجة له قط، فقد أخرج ابن ماجه في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما، ولا امرأة، ولا ضرب بيده شيئا. وقال القاضي ابن العربي في أحكام القرآن: قال عطاء: لا يضربها وإن أمرها ونهاها فلم تطعه، ولكن يغضب عليها. قال القاضي: هذا من فقه عطاء، فإنه من فهمه بالشريعة ووقوفه على مظان الاجتهاد علم أن الأمر بالضرب ها هنا أمر إباحة، ووقف على الكراهية من طريق أخرى في قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زمعة: إني لأكره للرجل يضرب أمته عند غضبه، ولعله أن يضاجعها في يومه. وروى ابن نافع عن مالك عن يحي بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: استؤذن في ضرب النساء؟ فقال: اضربوا، ولن يضرب خياركم. فأباح وندب إلى الترك، وإن في الهجر لغاية الأدب، والذي عندي أن الرجال والنساء لا يستوون في ذلك، فإن العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة، ومن النساء بل من الرجال من لا يقيمه إلا الأدب، فإذا علم ذلك الرجل فله أن يؤدب، وإن ترك فهو أفضل. انتهى كلامه من كتاب" المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني