الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تربص المرتابة أكثر من العدة لا إشكال فيه

السؤال

من شروط إرث الحمل أن يكون موجودا في بطن أمه وقت وفاة مورثه يقينا, وهذا الشرط يتحقق بولادة الجنين حيا و خروجه من بطن أمه لسنتين فأقل من يوم الوفاة إن كان الحمل من الميت، لقول السيدة عائشة رضي الله عنها: " لا يبقى الولد في رحم أمه أكثر من سنتين و لو بفلكة مغزل"، ومثل هذا لا يعرف إلا سماعا من الرسول صلى الله عليه و سلم..وهذا مذهب الحنفية وقول للإمام أحمد رضي الله عنه، ويرى الشافعية أن المدة هي "أربع سنوات"، و هو قول للمالكية، وأصح الأقوال في مذهب الإمام أحمد. سؤالي هو: ألا يتعارض هذا كله منطقيا مع كون عدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرا، وقد تتزوج المرأة مباشرة بعد انقضاء عدتها، وقد تحمل في شهرها الأول من الزواج والقاعدة تقول إن الولد للفراش.كيف نوفق بين الفكرين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا إشكال ولا تعارض بين تحديد العدة بأربعة أشهر وعشر مثلا وبين تربص المرتابة فترة أكثر من العدة، ووجه ذلك أن المرأة المتوفى عنها زوجها لا تخلو في عدتها من احتمالات ثلاثة. 1ـ أن تكون حاملا فهذه عدتها تنتهي بوضع حملها ولو بلحظات من وفاة زوجها. 2ـ أن تكون غير حامل فهذه تعتد بأربعة أشهر وعشر، لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً {البقرة: 234}. 3ـ أن تكون مرتابة أي بمعنى تشك أن بها حملا فهذه تتربص أربع سنوات على قول أكثر أهل العلم، فإذا أكملتها من غير حمل حلت للغير على اعتبار أن هذا أقصى مدة الحمل كما هو مبين في الفتوى رقم: 18395. إذ لا فرق بين عدة الطلاق وعدة الوفاة في هذا التربص، قال صاحب مواهب الجليل عند قول خليل بن إسحاق: وتربصت به إن ارتابت به، وهل أربعا أو خمسا خلاف، يعني فإذا قضت الخمسة أو الأربعة على أحد القولين حلت ولو بقيت الريبة، إلى أن قال سواء كان ذلك في عدة الطلاق أو عدة الوفاة.اهـ. هذا وننبه إلى أن الريبة قد تحصل أثناء عدة الأشهر، وقد تحصل بعدها، وفي كلا الحالتين لا يجوز الإقدام على الزواج وإن حصل فهو باطل. قال صاحب كشاف القناع: وإن ارتابت المتوفى عنها كظهور أمارات الحمل من الحركة وانتفاخ البطن وانقطاع الحيض ونزول اللبن في ثديها وغير ذلك قبل أن تنكح ولو بعد فراغ شهور العدة لم تزل في عدة حتى تزول الريبة وإن تزوجت قبل ذلك لم يصح النكاح. اهـ. فالخلاصة أن تحديد العدة بأربعة أشهر وعشر أو بثلاثة قروء ونحو ذلك هو لغير المرتابة، أما المرتابة التي لم تتحقق تحقق براءة رحمها فتنتظر أقصى أمد الحمل، أما بالنسبة لمن تزوجت بعد انقضاء عدتها ثم أتت بولد فلا تخلو من أن تأتي به لستة أشهر فأكثر، وهنا لا إشكال فالولد للزوج الثاني، وإما أن تأتي به لأقل من ستة أشهر بحيث يكون كامل الخلق فالولد للزوج الأول إلا أن ينفيه بلعان ولا يلتفت إلى إقرارها بانقضاء العدة لأن دلالة الأقراء على براءة الرحم أكثرية وليست قطعية، وبالتالي فالفراش حقيقة للأول لأن الثاني تبين أنه تزوج امرأة حاملا فيفسخ نكاحه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني