الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سب الصحابة والطعن فيهم

السؤال

وروى سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن قاسم عن عمر بن عبد الغفار أن أبا هريرة لما قدم الكوفة مع معاوية كان يجلس بالعشيات بباب كندة ويجلس الناس إليه فجاءه شاب من الكوفة ـ لعله الأصبغ بن نباتة ـ فجلس إليه فقال: يا أبا هريرة أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي بن أبي طالب: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقال: اللهم نعم قال: فأشهد بالله لقد واليت عدوه وعاديت وليه ثم قام عنه وانصرف.
(ما ردكم على هذا الموضوع)

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم والإمام أحمد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم في المستدرك: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة": ونقل عن أحمد بن حنبل أنه حسنه.

والحديث صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة. وقال: حديث صحيح بشطريه، بل الأول منه متواتر.

أما الإسناد الذي ذكرته فهو إسناد هالك لا يثبت به خبر، وهذا الكلام ذكره ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة). وهذا الكتاب ليس من كتب الرواية أصلا، ومؤلفوه ليسوا ممن يعتمد عليهم ولا يُقبل منهم. ونقله عنهم محمود أبو رية في كتابه الأبتر (أضواء على السنة) والذي رد عليه العلامة الشيخ عبد الرحمن اليماني في كتابه (الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزلل والتضليل والمجازفة)، فقال: وهذا عن ابن أبي الحديد عن الإسكافي، ولا ندري ما سنده إلى الثوري؟ وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر من شيوخ الثوري، فمن عمر بن عبد الغفار؟ إنما المعروف عمرو بن عبد الغفار الفقيمي، صغير لم يدرك عبد الرحمن فكيف يروي عنه عبد الرحمن؟ مع أن عمر هالك متهم بالوضع في فضائل لأهل البيت ومثالب لغيرهم. وبينه وبين الواقعة رجلان أو ثلاث فمن هم؟ يظهر أن هذا تركيب من بعض الجهالة بالرواة وتاريخهم، ولهذا ترى الإسكافي وأضرابه يغطون على جهة من يأخذون عنه مفترياتهم بترك الإسناد، ويكتفون بالتناوش من مكان بعيد، ثم لو صح الخبر لكان فيه براءة لأبي هريرة (وهو برئ على كل حال) فإنه لم يستجز كتمان الحديث في فضل علي رضي الله عنه، فكيف يتوهم عليه ما هو أشد؟ أما ...اهـ.

هذا وإن هذا الكلام فيه ظاهر الطعن في أبي هريرة ومعاوية رضي الله تعالى عنهما، وهذا عين ما حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه. رواه مسلم.

والواجب علينا أن نمسك عن الخوض في الصحابة، فأولئك قوم صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وذنبهم مغفور، وما أخطأوا فيه كان عن اجتهاد، وهم مأجورون على اجتهادهم ما بين مخطئ له أجر، ومصيب له أجران، ولقد زكاهم الله في غير ما موضع من القرآن، انظر على سبيل المثال التوبة آية: 100، الفتح آية: 18، الحديد آية: 10، الفتح: آية: 29.

كما ننصحك أن تطالع فضائل أبي هريرة ومعاوية في كتاب "فضائل الصحابة" في صحيح البخاري وصحيح مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني