الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سؤالي للموقع ومشايخ الموقع الكرام، ما هي حقوق آل البيت في منظور أهل السنة والجماعة، وهل تحل عليهم الصدقة، وإن حلت عليهم الصدقة ، فما تعليلكم لقول الرسول عليه الصلاة والسلام للحسن رضي الله عنه وأرضاه عندما مد يده على تمر الصدقة بقوله (كخ)، وما هو حكم الشرع على الحاكم الذي لا يخرج حقوق آل البيت؟ وأشكركم ويحفظكم الله ويرعاكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم عند الإمام الشافعي والأكثرين هم بنو هاشم وبنو المطلب، ويدخل كذلك فيهم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على الراجح من قولي العلماء، وانظر الفتوى رقم: 2685، والفتوى رقم: 51002.

وأما حقوق أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فمنها: محبتهم، وموالاتهم، ونصرتهم، وإكرامهم، والاهتداء بهديهم، والاقتداء بسيرتهم، والصلاة عليهم في التشهد الأخير من الصلوات، وإعطاؤهم من الغنيمة خمس الخمس، فقد روى الترمذي عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهم. والحديث صححه الألباني بشواهده، ومنها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم أنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيباً بماء يدعي خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به -فحث على كتاب الله ورغب فيه- ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.

قال المناوي رحمه الله في قوله صلى الله عليه وسلم (عترتي أهل بيتي) قال: يعني إن ائتمرتم بأوامر كتابه، وانتهيتم بنواهيه، واهتديتم بهدي عترتي، واقتديتم بسيرتهم، اهتديتم فلم تضلوا.

قال القرطبي: وهذه الوصية، وهذا التأكيد العظيم يقتضي وجوب احترام أهله، وإبرارهم وتوقيرهم، ومحبتهم، وجوب الفروض المؤكدة التي لا عذر لأحد في التخلف عنها. انتهى.

هذا، ولينتبه أن المقتدى بهم من عترته صلى الله عليه وآله وسلم هم الصالحون المتمسكون بالكتاب والسنة، قال المناوي: قال الحكيم: والمراد بعترته هنا العلماء العاملون، إذ هم الذين لا يفارقون القرآن، أما نحو جاهل وعالم مخلط، فأجنبي من هذا المقام، وإنما ينظر للأصل والعنصر عند التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل، فإن كان العلم النافع في غير عنصرهم لزمنا اتباعه كائناً من كان. انتهى.

هذا، والراجح أنه لا يجوز دفع الزكاة لمن ثبت انتسابه لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس!!. رواه مسلم، وراجع الفتوى رقم: 15881.

وقد اختلف أهل العلم في حالة ما إذا منعوا ما يستحقونه من بيت المال هل يجوز دفع الزكاة إليهم في هذه الحالة وقبولها منهم أم لا يجوز ذلك ولو منعوا، فمنهم من يرى إعطاءهم ، بل يقول إن إعطاءهم في هذه الحالة أفضل من إعطاء غيرهم، ومنهم يرى أنه لا يجوز لهم قبولها في هذه الحالة وأن حرمانهم من حقهم في بيت المال لا يسوغ لهم ما حرم الله عليهم، هذا وإن الحديث المشار إليه في السؤال صحيح، فقد رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة.

أما الحاكم الذي يمنع أهل البيت حقهم في الخمس فهو معطل لبعض شريعة الله ومطالب بأدائها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني