الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترك الخشوع في الصلاة وحكمه.

السؤال

هل التفكر في أمور الدنيا أثناء الصلاة يبطلها?

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فينبغي لمن دخل في الصلاة أن يستحضر قلبه وفكره فيها وفي تدبر ما يقرأ، لقوله تعالى: (قد أفلح المؤمنون* الذين هم في صلاتهم خاشعون) [المؤمنون: 1-2]
وقوله تعالى: (وقوموا لله قانتين) [البقرة: 238].
أي: خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه. قال صلى الله عليه وسلم: "إن في الصلاة لشغلا" متفق عليه.
وإنما للمرء من صلاته ما عقل منها، فإذا اشتغل فكره بأمور الدنيا فينتقص من أجره بقدر ذلك، فقد روى أبو داود في سننه عن عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها حتى قال: إلا عشرها" وقال ابن عباس:( ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها) والتفكر في أمور الدنيا وشواغلها لا يكون إلا من الغفلة، وهل تبطل الصلاة بذلك وتجب الإعادة؟ في ذلك تفصيل لأهل العلم:
فإن كانت الغفلة في الصلاة أقل من الحضور والغالب الحضور لم تجب الإعادة وإن كان الثواب ناقصاً.
وأما إن غلبت الغفلة والتفكر في أمور الدنيا على حضور القلب فلأهل العلم قولان: أحدهما: لا تصح الصلاة في الباطن وإن صحت في الظاهر، لأن مقصود الصلاة لم يحصل فهو شبيه بصلاة المرائي فإنه بالاتفاق لا يبرأ بها في الباطن، وإليه ذهب الغزالي رحمه الله.
الثاني: تبرأ الذمة فلا تجب عليه الإعادة وإن كان لا أجر له فيها ولا ثواب، فهو بمنزلة الصائم الذي لم يدع قول الزور والعمل به فليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم منهم الأئمة الأربعة، وهو الصحيح -إن شاء الله- فإن النصوص والآثار دلت على أن الأجر والثواب مشروط بالحضور، ولا تدل على وجوب الإعادة لا باطنا ولا ظاهراً. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني