الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوج المرأة هو جنتها ونارها

السؤال

تزوجت منذ 13 سنة بامرأة ثانية بعدما انفصلت عن الأولى التي تركت لي 3 أولاد المرأة التي تزوجتها لها مشاكل عقم وكانت تعمل عملا إداريا بسيطا جدا وقد اشترطته علي فوافقت إذا ساعدتنا الظروف عندما أتت إلى بيتي منعتها عن العمل وذلك للأسباب التالية:ـ الأولاد صغار و يحتاجون إلى الرعاية.ـ الظروف الأمنية في الجزائر كانت صعبة جداً.ـ ظروفي المادية كافية والحمد لله.ـ أنا غيور على زوجتي ولا أرضى أن تعمل بين الرجال.ـ العمل الذي تمارسه بسيط جدا ويتمثل في توزيع الكتب من المكتبة على التلاميذ للمطالعة أو حراستهم عند غياب الأستاذ.
لقد رضيت ومكثت في البيت وقامت بواجبها على أحسن وجه من حين لآخر كانت تحدث مشاكل بيننا بسبب فتحها لموضوع العمل وكل مرة تبرر رغبتها في الرجوع إلى العمل لكونها لا تلد ولكي تضمن مستقبلها المادي في حالة وفاتي وللذكر أنا موظف عند الدولة كمهندس وفي حالة وفاتي قبلها فإنها تستفيد من المرتب الذي أتقاضاه حاليا بعد مكوثها في البيت لمدة 7 سنوات وبينما هي ضيفة عند أهلها قامت مع أخيها بالسرية التامة بالإجراءات الإدارية اللازمة من ذهاب وإياب إلى المصالح المعنية للحصول على منصب جديد وفي النهاية نالته وأنا لا أدري ــ حسبنا الله و نعم الوكيل- حين أتى الدخول المدرسي فوجئت عندما قدموا إلي نسخة من قرار تعيينها في منصب عمل في منطقة نائية تبعد بحوالي 20 كم عن المنزل وللوصول إليها يجب أخذ وسائل النقل 3 مرات عند قراءة التعيين كدت أسقط شعرت بالإهانة والذل وقابلت كل ذلك بالبكاء وكثرة الصلاة والاستغفار كان شرطها وشرط أهلها إما أن تتركها تعمل أو طلقها فقبلت أن تعمل وفي داخلي الرفض التام من هنا بدأت المشاكل وصارت علاقتنا الزوجية هشة بسبب عملها الذي يجبرها على الغياب عن المنزل لمدة 10 ساعات يوميا أي من 7 صباحا إلى 5 مساء. هذا الغياب عن المنزل أدى إلى ما يلي:ـ تدهور في صحتها بسبب التعب.
ـ إهمال في المنزل.
ـ عدم استقبال الضيوف.
ـ عدم استقبال و خدمة أمي و عمرها 80 سنة.ـ أشعر بغياب أنوثتها مما يجعلني أنفر منها.
ـ أصبحت تجادلني وتغضبني كثيراً.
-صارت لا تخاف من الطلاق و لا التهديد به.
ـ لا تقبل الموعظة ولا يؤثر فيها إذا هجرتها رغم أنها تصلي الفجر في وقته وتتلو القرآن.
ـ صار عندها توقيت وشؤون عملها أقدس من أمور المنزل والزوج.لكل هذا هجرتها شهرا كاملا بعدما تدخل أفراد من أهلي ليقنعها عن ترك العمل والبقاء في المنزل فأبت أما بالنسبة لأهلها فهم يؤيدونها في عملها بعد ذلك قررت الزواج وتمت الخطوبة عند ذلك قامت بشراء منزل من مالها الخاص وطلبت مني السماح لها مغادرة بيتي وأخذ أحد من أولادي الذي عمره 19 سنة ليسكنا في المنزل الجديد وتركي وحيداً وأنا حاليا عمري 50 سنة وهي عمرها 40 سنة أمام هذا التحدي قلت لها إن هذا عصيان و تمرد على الزوج وسوف يغضب الله سبحانه و تعالى رغم ذلك أخذت ابني لكي لا تكون وحيدة في منزلها وذهبت والآن هي تسكن في منزل بمفردها منذ 20 يوما وأنا غاضب عليها حاول بعض الأهل أن يقنعوها حتى تعود إلى رشدها ولكن دون جدوى وقد قالت لهم لو لا مشكال العقم التي أعاني منها ولو كان لي أولاد من رحمي لمكثت بالبيت ولكن بالنسبة لحالتي فإن العمل والتقاعد هما يضمنان لي المستقبل أما أنا أصبحت مفتونا سواء كنت في البيت في العمل أو في المسجد وقد فسخت الخطوبة الجديدة المطلوب منكم سيدي الشيخ الكريم أن توجه موعظة مكتوبة إلى زوجتي عن طريق عنواني الإلكتروني لعلها تقتنع وتعود إلى بيتها وتكونون بإذن الله قد بنيتم أسرة مسلمة على وشك الهدم أو بالأ حرى مهدمة.وفي الأخير لكم مني جزيل الشكر وجعلكم الله يوم القيامة بجوار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله سبحانه أن يصلح حالكم ويفرج همكم، وهذه نصيحة صادقة من القلب نوجهها لهذه المرأة فنقول:

اعلمي أختي في الله أن الخير كل الخير في طاعة الله وامتثال أمره واجتناب نهيه، ففي ذلك سعادة العبد في الدنيا والآخرة ، فهو سبحانه الذي بيده الخير كله: مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. فلا ينال ما عند الله بمثل طاعته، وقد أوجب الله سبحانه وتعالى على الزوجين حقوقاً متبادلة على كل منهما للآخر، وإن مما أوجب الله تعالى على الزوجة طاعة زوجها في المعروف وعدم الخروج من بيته إلا بإذنه.

فنهيب بهذه الأخت أن تمتثل أمر الله تعالى وترجع إلى بيت زوجها، وتتنازل عن فكرة العمل خارج البيت ما دام زوجها لا يرضى به، أو تصل معه إلى حل مرضي للطرفين بالبحث عن عمل آخر يناسبها ولا يتعارض مع واجباتها المنزلية ولا يؤدي إلى التقصير في حقوق الزوج، ولتعلم أن تحججها بضمان المستقبل ليس مبرراً للتقصير في الواجب الشرعي، ولتعلم أن في ذلك خيراً لها في دنياها وأخراها، أما في أخراها فلما فيه من امتثال أمر الله بطاعة زوجها، وأما في دنياها فلما فيه من راحة لها من عناء وتعب العمل، وقد كفل لها الإسلام حق النفقة على زوجها حال حياته، وفي حال وفاته فلها نصيب من الميراث، ومن راتبه الذي سيستمر بعد وفاته.

ومن هنا، فإننا نهيب مرة أخرى بأختنا أن ترجع إلى بيت زوجها وبعلها، وتكون له سنداً وعوناً على ما تبقى من عمره، ولتجعل منه طريقاً لها إلى الجنة، ففي الحديث أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فسألها: أذات زوح أنت؟ قالت: نعم. قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه. قال: فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك أو نارك. رواه أحمد.

وإن كان من كلمة نوجهها إلى الآخ السائل، فنوصيك بالصبر على زوجتك واحتساب الأجر عند الله فلعل في هذا كفارة لذنوبك، ورفعا لدرجتك، واعلم أنه لا يجب على الزوجة تربية أبناء زوجها من غيرها ولا خدمة أمه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني