الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الرسوم التي تفرضها البنوك الربوية على القروض

السؤال

أرجو التكرم بإفادتي عن الحكم الشرعي فيما يلي :
اتفقت مع شخص ما على أن نقوم بالاقتراض من البنك بغرض شراء أرض للاستفادة من عائداتها بعد بيعها على أن نقوم بتسديد القرض للبنك في الميعاد المتفق عليه قام شريكي بالأقتراض حسب الاتفاق الذي بيني وبينه ووقع على سندات للبنك بأصل المبلغ بالإضافة إلى الرسوم المضافة إليه. نما إلى علمي باطلاعي على أحد المواقع الإسلامية بالإنترنت أن الرسوم أو الخدمات على أصل المبلغ المقترض تفسر على أنها ربا وكنت أعلم بأن أخذ البنك فقط للمبلغ الزائد يعتبر ربا دون المعطي إذ كنت أجهل أن إعطاءه أيضا يورث الإثم ولما كان من غير الممكن التنصل من الرسوم وإلا وقع شريكي تحت طائلة المطالبة الرسمية من البنك عليه أرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي في الآتي :ما هو حكم الرسوم المفروضة من البنك هل هي فائدة ربوية أم لا؟ وما هو حكم الجهل في هذه الأمور بأن إعطاء الربا يورث الإثم وهل من كفارة إن صح ذلك؟ وبماذا توجهوني بالنظر إلى فتواكم الشرعية؟ علما بأننا قمنا بشراء الأرض ولم نقم ببيعها بعد فهل الإبقاء عليها حرام أم حلال بعد سداد القرض وما عليه من رسوم؟ وهل ينطبق نفس الحكم على بطاقات الائتمان إذا كانت لسد حاجات ترعى وعدم الرغبة في الاستدانة من الآخرين وسؤالهم؟ علما أن البنوك تأخذ نسبة عن المبالغ المتأخر في سدادها.وجزاكم الله خيرا وأحسن إليكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الرسوم التي تقرضها البنوك الربوية على القروض عبارة عن فوائد ربوية، وهي محرمة على المقترض والبنك، لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {البقرة: 278}.

ولما ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لعن الله الربا آكله وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء. أي في الإثم، وراجع الفتوى رقم: 21227.

وإذا كنت تجهل أن إثم الربا يقتصر على الآخذ دون المعطي، فلا يلحقك إثم التعامل بالربا إن شاء الله، لأن الله سبحانه وتعالى لا يعاقب شرعاً ولا قدراً إلا بعد قيام الحجة، ومخالفة أمره، كما قال تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً {الإسراء: 15}.

ولا يعني هذا أنه لا يلحقك إثم مطلقاً، بل يلحقك إثم ترك التعلم الواجب، لأن هذا الحكم الذي خفي عليك لا يخفى إلا على من قصر في التعلم الواجب عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم. رواه مسلم.

وإذا تقرر هذا، فالواجب عليك وعلى شريكك التوبة إلى الله، وإذا كان بيع الأرض يمكنكما من سداد هذا القرض والتخلص مما عليه من فوائد ربوية أو تقليلها وجب ذلك، لعموم قوله تعالى: وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {البقرة: 278}.

أما إذا كان لا يمكن التخلص من الفوائد الربوية أو تقليلها فلا يلزمكما بيعها، ولكما أن تنتفعا بها بما أحببتما سواء ببيعها و إقامة مشروع أو نحو ذلك، لأن القرض بعد قبضه يدخل في ملك المقترض ويصير دينا عليه، وسواء في ذلك القرض الربوي أو غيره، إلا أنه في القرض الربوي يأثم المقترض لتعامله بالربا، وتجب عليه التوبة إلى الله منه، وأما حكم التعامل ببطاقات الائتمان التي تلزم بدفع نسبة عن المبالغ المتأخر في سدادها، فانظره في الفتوى رقم: 6309.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني