الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مقاطعة الوالدين تعد من العقوق المحرم

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا وجعلك من اللذين أكرمهم الله خيرا
أما بعد نحن أربعه إخوة في بلد أوربي أخي الكبير مستقر من 25 عاما ولنا أخ في البلد لأم والدتي توفيت ووالدي على قيد الحياة.
حالتنا المادية الحمد لله جيدة جدا والله عز وجل أكرمنا بنعمة الصدقة ومساعدة الآخرين.
ولكن والدنا أصلح الله حاله يمنع علينا الصدقة ويسيء الكلام للآخرين ويسيء لأخي في بلدنا ويهين أصدقاءنا وأقرباءنا ولنا بعض الأملاك أراض وبيوت والملك لله.
سؤالنا هـو أولا: هل نقترف ذنبا إن نصحناه وخالفنا كلامه بالاستمرار بعمل الخير.
ثانيا: هل يحق له بيع أملاكنا دون موافقتنا استنادا إلى قـول الرسول صلى الله عليه وسلم مال الابن لأبيــه.
ثالثا : هل مقاطعة الوالد بسبب سوء أعماله ذنب.
وشكرا لكم
وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب عليكم بر أبيكم والإحسان إليه على كل حال، لأن الله تعالى أمر بذلك في أكثر من آية، ومن ذلك قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23}. وقوله سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف: 15} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب بر الوالدين، ومنها يعلم أن أي فعل يناقض ذلك فهو عقوق وهو من أعظم الكبائر، لقوله صلى الله عليه وسلم: حين سئل عن الكبائر قال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين. متفق عليه.

ولا ريب أن المقاطعة للوالدين تعتبر عقوقا لأنه إذا كان ذلك محرما مع غير الوالدين من ذوي الأرحام فهو مع الآباء أشد حرمة، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال لها: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك، قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . فهذه الآيات وهذه الأحاديث تدل على تأكيد حق الوالد وبره، وخطورة قطع رحمه، وأن ذلك لا يسوغه سوء خلقه.

أما بشأن تصرفات أبيكم مع أخيكم وأصدقائكم فهذا ينبغي أن تنصحوه فيه بالتخلي عن أذية هؤلاء فإن قبل النصح فذلك، وإن أبى فلا تملكون نحوه إلا الدعاء له بالهداية.

أما بيع أبيكم لأملاككم من غير موافقة منكم له على ذلك فتراجع فيه الفتوى رقم: 7490.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني