الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

روايات مصنف عبد الرزاق

السؤال

يقع كثيرا في مصنف عبد الرازق نحو هذا: عبد الرزاق ثنا معمر ثنا...... وفي البعض يكون الراوي هو عبد الرزاق نفسه فيقول: حثنا معمر ثنا.... فمن هذا الذي يروي عن عبد الرزاق هذه الروايات المدرجة في مصنفه وهل هو ثقة حيث أشك أنه إسحاق بن إبراهيم الدبري أو إبراهيم بن إسحاق الدبري وهو يروي كثيرا
من المنكرات عن عبد الرزاق وقال البعض إنه سمعها عنه وهو ابن سبع سنين! أرجو الإفادة؟ بارك الله فيكم وفي أهليكم آمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكتب السنة المشهورة وصلت إلينا عن طريق الرواية، وقد يكون للكتاب أكثر من رواية إلى مصنفه وأحياناً ما يكرر راوي الكتاب اسم المصنف عند بداية كل إسناد كما فعل القطيعي في مسند الإمام أحمد فتراه يقول كثيرا في أول كل إسناد حدثنا عبد الله قال حدثني أبي... ثم يذكر الإسناد.

وبالرجوع لنسخة المصنف لعبد الرزاق يتبين أنه عند كل إسناد (حديث) يبدأ بذكر شيخ عبد الرزاق مباشرة كمعمر وسفيان الثوري وغيرهما، وقلما يعيد ذكر عبد الرزاق وهذه النسخة المطبوعة من المصنف لعبد الرزاق ملفقة من عدة روايات:

1- رواية محمد بن علي النجار الصنعاني عن عبد الرزاق روى عنه كتاب الصلاة والبدع.

2- رواية إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري عن عبد الرزاق روى عنه كتاب النكاح وغيره.

3- رواية محمد بن يوسف الحذاقي عن عبد الرزاق روى عنه كتاب أهل الكتابية وغيره، وقد أشار إلى هذه الروايات ابن خير الأشبيلي في (فهرسته).

أما بالنسبة لصحة روايات إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري فهي معتبرة عند أكثر المحدثين ما لم تخالف روايات الثقات، وأما سماعه لها في الصغر فيجعلها أشبه بالوجادة بل هي أقوى منها، والوجادة مقبولة عند بعض المتقدمين وعامة المتأخرين، وقد قطع بعض المحققين الشافعيين بوجوب العمل بها عند حصول الثقة بروايتها.

قال السيوطي: وهذا هو الصحيح الذي لا يتجه غيره في هذه الأزمان قال ابن الصلاح فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسد باب العمل بالمنقول لتعذر شروطها. انتهى.

وقال ابن خير الأشبيلي في الفهرسة: إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري وكان يستصغر في عبد الرزاق وكان العقيلي يصحح روايته عن عبد الرزاق وأدخله في كتاب صحيح الحديث الذي ألف، توفي في المحرم سنة 286 وقرأت بخط الحكم أمير المؤمنين: نا أحمد بن مطرف بن عبد الرحمن المشاط، نا أبو عثمان سعيد بن عثمان الأعناقي قال: رحل ابن السكري محمد بن عبد الله إلى صنعاء اليمن فامتحن أصحاب عبد الرزاق من بقي منهم، فألفى أبا يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري أفضلهم، فسأله عن مصنف عبد الرزاق كيف رواه. فقال كان أبي إبراهيم بن عباد القارئ للديوان على عبد الرزاق وحضرت السماع حتى انقضى، وكان إذا مضى حديث يستحسن أصحاب الحديث إسناده قالوا له: يا أبا بكر، حدثنا فكان يقرؤه لنا وكان أبي يعلم على ذلك الحديث، فقال له السكري أقرأه يا أبا يعقوب، فقرأه عليهم فلم يرد عليه السكري شيئا من تصحيف ولا غيره إنما أسمع حتى فرغ بقراءته، فقال له السكري يا أبا يعقوب لا تقرئ هذا المصنف لأحد إلا كما قرأته لنا، ولا تقبل تلقين أحد، فما كان مقيد ا قرأه كما كان، وما لم يكن مقيدا قرأه كما بقي، وقال السكري: إذا استفتحت الكتاب فقل: قرأنا على عبد الرزاق وإذا جاء الحديث الذي حدثكم به وقرأه فقل: نا عبد الرزاق. انتهى.

أما الأحاديث التي خالف فيها الدبري الثقات فقليلة جداً، تصحفت عليه ونبه عليها أهل العلم وجمعها أبو عبد الله بن مفرج القرطبي في رسالة سماها: إصلاح الحروف التي كان إسحاق بن إبراهيم الدبري يصحفها في مصنف عبد الرزاق.

وأما سبب اشتهار رواية الدبري عن غيرها من روايات المصنف الكثيرة فهو حرص الرواة على علو الإسناد لأن الدبري عمر طويلاً بعد موت عبد الرزاق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني