الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرد على من يستهزئ بالدين وثوابت الإسلام

السؤال

ما هي فتواكم في من يهين الإسلام والرسول الكريم ، ويسفه العقيدة الإسلامية؟ وإذا أردتم أن تروا ذلك فاذهبوا إلى هذه الساحة الحوارية (....... ) .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

- فإن من يستهزئ بالدين، أو بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو يسفه عقيدة المسلمين وهو يعلم مايقول غير مكره عليه ، فإنه يعد كافرا مرتدا عن الإسلام، خارجا من الملة، ولو كان هازلاً في كلامه. قال تعالى: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين) [التوبة: 65، 66].
- ولقد اطلعنا على الموقع المذكور فوجدناه موقعا مليئا بالإفتراءات والتكذيب، وإثارة الشبهات تارة، والتلفيق تارة أخرى. وكذلك هو منبر ومرتع خصب للمنحرفين.
وجل الشبهات التي يثيرونها وينفثون سمومها، قد أثارها أعداء الدين من قبل.
وقد بين جل وعلا أن التدافع بين الحق والباطل سنة كونية من سنن الحق جل ذكره، لا يتوقف إلا حين يرث الله الأرض ومن عليها، و لن يهدأ أهل الباطل إلا إذا ترك المسلمون دينهم واتبعوا أهواءهم، قال تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) [البقرة: 120].
والصراع بين الحق والباطل والخير والشر صراع قديم. ولقد تعرضت الرسل وأتباعها، وما جاءوا به من شرائع إلى ظلم من قومهم وأعدائهم بموجات من التشويه والتشويش. وكان النصيب الأكبر والجانب الأعظم من هذه الحملات الظالمة موجهاً إلى هذا الدين، بوصفه الدين الخاتم، ولكونه آخر اتصال بين الإنسان وجديد الوحي، وأصبحت السهام موجهة إلى الإسلام وحده، وليس أدل على ذلك من اجتماع قوى الشرك لصد أهله عن الإلتزام بمبادئه، أو زعزعة أصوله لدى معتنقيه، بل لقد تركوا ما بينهم من صراعات وعداوات جانباً، وتفرغ الكل لحرب الإسلام، فاختفى الشقاق بين اليهودية والنصرانية بخصوص الموقف من المسيح ـ عليه السلام ـ واتهام اليهود بقتله، حسب ما يزعم النصارى، فقد تمت تسوية هذا الخلاف وتصفيته، حسب ما أعلنه المجمع المسكوني عام 63 وعام 65 من تبرئة اليهود من دم المسيح، وأصبح الإسلام وحده الهدف الذي يتعاون الجميع على الكيد له، والإساءة إليه حتى ممن ينتسبون إليه.
ويتجلى بعض أشكال هذا الكيد فيما يعرف بساحات الحوار التي نرى أن الغالبية منها لا تقوم على مبادئ سليمة، أو آداب سامية، إنما هي افتراءات وتكذيبات ومعلومات مغلوطة، وإن لبس بعض هؤلاء ثوب العالم ليلقي الشبه، وليبث السم.
وأكثر من يكتب في مثل هذه المواقع المشبوهة إما مكذب للدين صراحة، كأفراخ العلمانيين والمتغربين، أو مفرط في دينه يدعي الوسطية ليشعر نفسه أنه رجل ملتزم بالدين، وأن ما عليه هو الحق، وما علم هذا المسكين أن الوسطية هي: الالتزام بما في كتاب الله، وما في سنة رسوله صلىالله عليه وسلم.
بل لقد أصبحت هذه المنتديات مرتعا للمنصرين، ومسرحا لدعوة الناس إلى الباطل، ولا غرابة في ذلك، فقد قال الله جل وعلا: (ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير) [البقرة: 103].
وقال تعالى: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) [البقرة: 217].
والإثم الأعظم والجرم الأكبر ينصب على صاحب هذا الموقع، وأمثاله ممن جعل ساحاته مرتعاً لكل حاقد، وملاذاً لكل منسلخ من الدين، ويجب أن تهجر هذه المواقع، فقد يكون في هجرها دواء لأصحاب هذه الأقلام المسمومة، حتى تخبو الجذوة المتوقدة في أفئدتهم والتي يذكيها الرد عليهم، إلا من وجد في نفسه القدرة الكافية على دحض باطلهم، ورد افتراءاتهم، وتفنيد ادعاءاتهم، وقطع حججهم، وقد يكون واجبا لمن وجد في نفسه تلك المقدرة أن يدخل لمثل هذه المنتديات، قال تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) [التوبة: 122].
وليس ما يقال من باطل في هذه المنتديات من باب الحرية: حرية الفكر والتعبير، بل إنها حرية الكفر والتغفيل، فليس من الحرية أن ينسب إلى الدين ما ليس منه، وليس من الحرية الاستهزاء بالعقيدة أو التفوه بالكفر، وليس من الحرية التقول على الله بغير علم أو بث سموم الكفر والإلحاد.
وليس من الحرية ادعاء العلم، ولَيُّ أعناق النصوص لتبرير الباطل وتشويه الحق.
هذا والله نسأل أن يهدي كل ضال، وأن يرشد كل مسترشد. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني