الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسألة في الحضانة والإنفاق على الأولاد بعد وفاة الأب

السؤال

أتقدم إليكم باستفسارى هذا راجيا منكم النظر فيه بعين الاعتبار مع بيان رأي الشرع فيه وهو: توفي أخي وترك ثلاثة أولاد وبنتين الكبيرة منهن من أم سودانية وهي معنا في السودان، أما البقيه فأمهم أردنية من أصل فلسطيني وعندما علمنا بخبر الوفاة توجهت مباشرة إلى عمان بطلب من الوالدين لرعاية وحصر تسوية ما على المرحوم من ديون وسدادها وإحضارهم للسودان بحسب وصيه المرحوم التي تركها لزوجته الأردنية ليعيش الأولاد تحت كنف والدي قمت بهذا كله وسافر الأولاد للسودان تم استقبالهم بحفاوة من الوالدين والأهل جميعا وحمدنا الله على لم الشمل، عدت أنا من السعودية ومكثت معهم ستة أشهر ليتأقلموا على وضع السودان، وكانت هناك بعض المشاكل هي أنها تعتبر أن احتواء الأهل لأبنائها سوف يجعلهم يتركونها، تفهمنا هذا وأبعدنا تدخل الأهل في شؤون تربية الأبناء، وعملنا لهم معيشة لوحدهم، وحصلت أيضا بعض المشاكل وهي خروجها من البيت ومعها الأولاد فى أي وقت وبدون علم أحد كانت تقول كنت عند فلان وهي عند غير فلان، وضحت لها ذلك أن تقاليد الأهل وعاداتنا لا تسمح بذلك عندها ثارت علي وطلبت مني أن أسفرها إلى عمان، حاول الوالد والأهل بأن ترجع عن ذلك فرفضت وأصرت على الذهاب إلى الخرطوم في الليل طلب لها سيارة لتقلهم إلى الخرطوم وما كان علي ألا أن أرافقهم وقلبي يتقطع ألما على فراق الأبناء، وصلنا الخرطوم في وقت متأخر بعدها توجهت إلى السفارة الأردنية لأوضح لهم الأمر وعند مقابلة السفير طلب مني إحضارها للسفارة توجهت لها وطرحت لها إن السفير يريد مقابلتك وبعد ذلك طلبت مني أن ترجع إلى البلد وأن ذلك لم يحدث منها أبدا وأنها تترجاني أن لا أفعل وهي تريد رعاية والدي وأبناءها في السودان، هيأت لها الأجواء وطلبت من الأهل عدم ذكر أي شيء عن الموضوع، رجعت إلى المملكة وبعد أسبوعين أتفاجأ باتصال منها وهي تكلمني من عمان، سألتها لماذا لا تبلغيني لكي أحل الإشكال قالت لي إن والدتي وأخواتي منعوها الخروج من دون علم أو مرافقة إحدى الأخوات، وحرصا منا على كفالة الأبناء طلب مني الوالدان بإرسال مصاريف لهم حسب استطاعتنا، قمنا بذلك وبعد فتره وجيزة اتصلت علي وطلبت مني استلام الأبناء لأنها تزوجت من رجل آخر وأنها لا تريد تكلفة زوجها بذلك، أرسلنا لهم تذاكر عن طريق الخطوط السودانية، تم استلامها بواسطة ابن عمنا في عمان وعندما سلمهم التذاكر عمل لهم حجزا وعندها اتصلت بأخي وهو في انتظارهم بالمطار ونتفاجأ برفض تسليم الأبناء، بعدها أوقفنا المصروف لمدة، اتصلت بخالها بأن يقوم بكفالة الأبناء وسوف نرسل له المصاريف، بعيدا عن تصرف أمهم بالمصروف بعد أكثر من 9 شهور طرحت على الوالدة إحضار البنت لأنها تخاف عليها من الانفلات قمت بإيصال الرساله للبنت وبدورها طرحت البنت الموضوع على والدتها، فوافقت والدتها على إرسالها للسودان، وبعد ذلك قررت زوجة المرحوم بيع العفش والرجوع للسودان بجميع أبنائها، بدون موافقتنا، وصلوا إلى السودان وبقينا في الأمر الواقع، لكن كان في إشكال مع الوالدة وهي لا تريد حضور المرأة لأنها تتسبب في جميع المشاكل فقام الوالد بطرد الوالدة حرصا منه على رأب الصدع رغم العشرة التي دامت أكثر من خمسين عاما دون مشاكل، ولكي أبعد المشاكل أخذت والدتي للسعودية جلست معنا أكثر من عام ونصف العام، في غياب الوالده حصلت مشاكل مع الوالد في نفس الأسباب السابقة الذكر حتى وصل بها الحال بأن تقول للوالد كنت أبحث عن رجال إذا سألها أين كنت وما كان لوالدي الآن يمرها بأن لا تخرج ومعها الأولاد، تخرج لوحدها حفاظا عليهم لأنهم أولاد ابني قالت له إنهم ليسوا أبناءك فقام بطردها والأولاد، وأقسم أن لا يدخل أحد من الأولاد وأمهم للبيت، وأن لا ندفع لهم شيئا حاولنا معه عدة مرات بإرجاعهم فرفض بحجة أنه ونحن لم نقصر في حقهم وأنه يعلم قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة كما قال، وأنه أخطأ في حق والدتي عندما طردها من البيت وأن زوجة ابنه خلقت له مشاكل مع إخوانه ومن حولنا بأن تحكي من أنها ممنوعة من الخروج وتعكس للناس الصورة الجميلة لها لأنها غريبة وأن والدي يريد استعباد الأولاد، وإذا قمنا نحن بتوفير بعض مستلزماتهم دون علمه لن يرضى عنا ونحن نريد إرضاء الله ثم والدنا، طبعا في ضغوط علينا من جانب الأهل والأصدقاء وإذا سمعنا كلام الأهل خسرنا والدينا، لذا أرجو منكم الفتوى في ذلك أثابكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كانت هذه المرأة على ما ذكرت من سوء الخلق فالواجب نصحها وتخويفها عذاب الله تعالى إذا هي لم تتب، وذلك امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه و لرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.

فإن لم ينفع النصح معها وخيف على الأولاد من أن يتأثروا بسلوكها السيء، فإنها بذلك تسقط حضانتها، كما بينا في الفتوى رقم: 9779.

أما بخصوص معارضة الوالد للإنفاق على هؤلاء الأبناء وحلفه عليكم بترك ذلك، فلا يجب طاعته فيه إذا كان الأبناء محتاجين للإنفاق لفقرهم لأن نفقتهم تصبح واجبة عليكم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 44020.

وبالتالي، فإن طاعة الأب في هذا يعد معصية لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري.

ولا بأس أن تخبروا أباكم بأن الشرع أمر بأن من حلف على شيء ورأى خيرا منه فليأت الذي هو خير ويكفر عن يمينه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليكفر عن يمينه وليفعل. رواه مسلم في صحيحه.

وننصح السائل الكريم باستعمال أسلوب الرفق واللين مع الوالد، وبإشعاره بتعرض أولاد ولده للضياع إن -هو أو أولاده- تركوا رعايتهم أو الإنفاق عليهم، ونظن بهذا الوالد أن يستجيب ويكفر عن يمينه، فالظاهر من أسلوبه مع المرأة المذكورة ينم عن شفقته على أحفاده وحرصه على الخير لهم .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني