الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المقصود بأضعف الإيمان في حديث تغيير المنكر

السؤال

توضيح من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ومن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ما المقصود بأضعف الإيمان؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمنكر لا تقره الشريعة بحال، فلا بد من تغييره، ولكن تغييره على مراتب، ولما كان الناس يختلفون في قدراتهم على ذلك فإن الشارع الحكيم رتب إنكار المنكر على حسب قدرة الشخص، ولكن لا يعذر أحد من المكلفين بترك الإنكار مهما يكن من أمر، فيجب عليه أن يغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وهذا أقل الأحوال؛ لأن كل إنسان يستطيعه ولا يعجز عنه إلا من قد مرض قلبه وانتكس. لما رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. ومعنى أضعف الإيمان -كما سألت- أي أقله ثمرة؛ كما قال النووي.

وفي تحفة الأحوذي على شرح الترمذي قال: وذلك أن الإنكار بالقلب وهو الكراهية" أضعف الإيمان" أي شعبه أو خصال أهله، والمعنى أنه أقلها ثمرة. فمن غير المراتب مع القدرة كان عاصيا، ومن تركها بلا قدرة أو لكون المفسدة أكبر وكان منكرا بقلبه فهو من المؤمنين. وقيل: معناه وذلك أضعف زمن الإيمان؛ إذ لو كان إيمان أهل الزمان قويا لقدر على الإنكار القولي والفعلي، ولما احتاج إلى الاقتصار على الإنكار القلبي؛ إذ ذلك الشخص المنكر بالقلب فقط أضعف أهل الإيمان، فإنه لو كان قويا صلبا في الدين لما اكتفى به.

وقال السندي: والاكتفاء بالكراهة بالقلب أضعف الإيمان أي أعماله المتعلقة بإنكار المنكر في ذاته لا بالنظر إلى غير المستطيع، فإنه بالنظر إليه هو تمام الوسع والطاقة وليس عليه غيره.

وقال العز بن عبد السلام: ولم يذكر ذلك للذم، وإنما ليعلم المكلف حقارة ما حصل في هذا القسم فيرتقي إلى غيره.

وقال ابن حزم في المحلى: وذلك أضعف الإيمان أي ليس وراء ذلك من الإيمان شيء.

ومهما يكن من أمر فهذا الحديث أصل في صفة تغيير المنكر، فحق المغير أن يغيره بكل وجه أمكنه زواله به -فعلا كان أو قولا- وإلا فكراهة وبغضا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني