الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط تتعلق بحب الشهوات

السؤال

ما رأيكم في حب الشهوة دون التعدي على حدود الله عز و جل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى يقول: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب) [آل عمران: 14]. والناس لفظ عام، فظاهر اللفظ يقتضي أن هذا المعنى ـ وهو حب الشهوات ـ حاصل لجميع الناس، والعقل يدل على ذلك.
والله ما خلقها إلا للاستمتاع بها، بدليل قوله: (ذلك متاع الحياة الدنيا).
ومحبة الإنسان للشهوات هي أن يحرص على تحصيلها والاستمتاع بها. فإن كان ذلك من طريق مشروع وبالوجه المشروع فالناس في ذلك على أنواع:
الأول: من يترك الانتفاع بهذه الأمور كليةً، وهذا مذموم شرعاً.
الثاني: أن يكون الإنسان لا هم له ولا غرض له في عيشه إلا تحصيل هذه الأمور، وهذا أيضا مذموم شرعاً.
الثالث: أن ينتفع بها من غير أن يتوصل بذلك إلى أمرٍ أخروي، وهذا مباح.
والرابع: أن ينتفع بها على وجه يتوصل به إلى مصالح الآخرة، وهذا ممدوح ومطلوب شرعاً، أما إذا كان تحصيلها والاستمتاع بها بطريق غير مشروع، فذلك محرم، ولكن قد يحصل للإنسان محبة لبعض المحرمات، بمعنى الميل إليها بطبعه لكنه لا يسعى لتحصيلها، ولا يحب ذلك ، فلا شيء عليه.
لأن من أحب شيئا ، وأحب أن يكون من طبعه أنه يحبه ، فقد حقق فيه كمال المحبة، فإن كان في جانب الخير فهو كمال السعادة، كما في قوله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام: (إني أحببت حب الخير..). معناه: أحب الخير وأحب أن أكون محباً للخير.
وإذا كان ذلك في الشر فهذا شر عظيم، كأن يحب الزنى ويحرص على تحصيله ويحب ذلك. فعلى الإنسان أن يقلل من الدنيا وشهواتها، إلا بقدر ما ينفعه في الآخرة، ويعينه على طاعة ربه، ولذلك نجد الله تعالى ـ بعد أن بين أن الناس زين لهم حب الشهوات ـ بين أنها فانية منقضية تذهب لذاتها وتبقى تبعاتها، ثم حث سبحانه على الرغبة في الآخرة بقوله: (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم) [آل عمران: 15] ثم بين طيبات الآخرة المعدة لمن واظب على العبودية من الصابرين والصادقين. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني