الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المضارب لا يملك ما بيده

السؤال

لقد عرض علي أحد الأخوة أن نشترك معا في محل تجاري وأوضحت له عدم استطاعتي من الناحية المالية وأن المحل يحتاج إلى مبلغ يصل إلى سبعمائة ألف ريال ولكنه أبدى استعداده أن يقوم بدفع رأس المال المطلوب وأنا بمجهودي وتكون الشراكة بيننا نصفين ودفع بالفعل الدفعة الأولى مبلغ 200 ألف ريال بشيك وقعت له بالاستلام على صورة الشيك وذكرت أنها سلفة حتى يطمأن قلبه وعلى الفور قمت بتجهيز المكان ودفع نقل قدم ودفع إيجارات المحل والورشة وعمل الديكورات اللازمة و غيرها ولم تمض غير فترة قصيرة حتى طلب فض الشراكة في الوقت الذي لم يبدأ العمل من جهة ومن جهة أخرى صرفنا فيه ما يقرب من ثلاثة أرباع المبلغ المدفوع في التأسيس. أرجو من فضيلتكم إفتائي بما يجب علي شرعا نحو شريكي فأنا لا أريد إلا الحق؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الصورة المذكورة للشركة هي صورة مضاربة، لأن رأس المال من طرف والعمل من طرف آخر. والأصل في شركة المضاربة أن صاحب العمل لا يضمن رأس المال، فإن ضمنه فسد العقد وبطلت الشركة.

وبناء عليه، فإذا كان توقيعك على الشيك وذكرك أنه سلفة من هذا الباب فالشركة باطلة من أصلها، لأن المضارب لا يملك ما بيده وإنما يتصرف فيه كوكيل عن صاحب رأس المال، فإذا ربح المال يقسم بينهما الربح بحسب ما اتفقا عليه، وإن خسرا فيتحمل صاحب المال الخسارة المالية، ويتحمل العامل ضياع جهده وعمله ولا ضمان عليه، كما ذكرنا فهذه هي المضاربة الصحيحة.

وأما إذا كان توقيعك على الشيك لا تقصدان منه ضماناً ولا أنه سلفة حقيقية وإنما هو حبر على ورق، فالشركة مضاربة صحيحة، والأصل أنها جائزة غير لازمة، يستحق كل طرف فسخها متى ما أراد ما لم يكن في ذلك ضرر بالغ على الطرف الثاني، فإن كان فله منع فسخها حتى ينفض رأس المال ويصير نقودا كما قال الأنصاري في أسنى المطالب، وابن رجب في قواعده، والكاساني في بدائعه.

مع العلم بأنه إذا لم يحصل من العامل تقصير ولا تفريط ولا إهمال ولا إخلال بما اشترطه رب المال من أن لا يسافر بالمال مثلاً، أو أن لا يضارب إلا في كذا وفي مكان كذا، فإنه لا يضمن، وكذلك يشترط أن لا يحصل من العامل تضليل لرب المال، ولا إخباره بمعلومات غير صحيحة سواء عن نفسه وخبرته، أو عن المجال الذي سيضارب فيه. فإن حصل شيء من ذلك من العامل ضمن لرب المال الضرر الذي لحقه جراء ذلك.

وعند حصول النزاع بينكما فينبغي أن ترفع المسألة إلى المحاكم الشرعية لتبت فيها وتحسم النزاع وتعطي كل ذي حق حقه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني