الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زواج من تحول بالجراحة إلى ذكر

السؤال

يا شيخ جزاكم الله خيرا ..ماذا يفعل من حول جنسه دون أن يستفتي ويعرف أنه محرم شرعا وقد تحول تماما إلى رجل منذ سبع سنوات ماعدا أنه لا يملك عضوا ذكريا ..فصوته صوت رجل ، وله شنب وذقن وليس لديه ثديان مثل النساء ولا رحم ولا مبايض، وهو الآن يستخدم شيئا مصنعا حتى إنه يقوم بقضاء حاجته من خلاله مخصص لمثل حالته فهو رجل تماماّ
..غير أنه لم يقم بزراعة عضو أو إجراء عملية لعضو ذكري؟؟
هل يحرم عليه الزواج الآن من النساء أوالرجال معا ..وهل يقضي بقية حياته من غير زواج؟ ما الحل في مثل وضعه؟؟يا شيخ أعطونا حلا فهو مسلم ويخاف الله وهو الآن متجه بشكل إيجابي للتدين بإذن الله؟؟ساعدونا ما هو الحل ؟
مع العلم أن لديه تقارير تثبت أنه قبل التحول كانت لديه هرمونات ذكرية عالية جدا أعلا من الأنثوية وأشعة للمخ من طبيب أمريكي تثبت ميله الذكري أكثر ولم تأته الدورة الشهرية إلى سن الواحد والعشرين
وبنيته بنية رجل؟ فهل هذه الأسباب تجيز له التحول ؟..هو الآن يعيش في بلاد الغرب ويريد العودة والزواج والاستقرار فماذا يفعل?

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز إجراء عملية التحويل من ذكر إلى أنثى ولا العكس لما في ذلك من تغيير خلق الله، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 1771 إلا في حالة ما إذا قرر الثقات من الأطباء بعد إجراء الفحوصات اللازمة للجهاز التناسلي أن الأجهزة التناسلية لدى شخص هي أجهزة ذكر وإن كان الظاهر أنها أجهزة أنثى أو العكس، فإنه لا بأس في إجراء عملية التغيير. أما إذا تبين أن هذه الأجهزة التناسلية طبيعية فإنه لا يجوز الإقدام على عملية التغيير، كما في الفتوى رقم: 22659.

وأما عن موضوع زواج هذا الشخص، فنقول: إنه في الحقيقة لم يتحول إلى رجل ولم يبق امرأة، فهو أقرب إلى حال الخنثى المشكل. والخنثى المشكل صرح كثير من أهل العلم بأنه لا يجوز له النكاح، وقال البعض بإباحة ذلك له. قال الشيخ عليش في منح الجليل وهو مالكي: الرابع عشر: في حكم نكاحه [يعني الخنثى المشكل] يمتنع النكاح في حقه من الجهتين. ابن عرفة عبد الحق لا يطأ ولا يوطأ, وقيل يطأ أمته. وفي التوضيح ابن القاسم يمتنع نكاحه من الجهتين. اللخمي ابن حبيب لا يجوز له نكاح أي لا ينكح ولا ينكح.

وقال ابن مفلح في الفروع وهو حنبلي: ولا يصح نكاح خنثى مشكل حتى يتبين أمره, نص عليه.

وفي حاشية الشرواني وهو شافعي: ويفرق بينه [يعني العقد على المشكوك في محرميته] وبين العقد على الخنثى المشكل حيث لم يصح, وإن بانت أنوثته بأنه لا يصح العقد عليه بحال بخلاف المحرم فإنه يصح العقد عليه في الجملة ا هـ

وقال عز الدين في قواعد الأحكام في مصالح الأنام وهو شافعي أيضا: المثال الخامس: نكاح الخنثى المشكل باطل درءا لمفسدة المرأة بالمرأة أو الرجل بالرجل. وعن الشافعي قول بإباحته، قال في الأم: فإذا كان مشكلا فله أن ينكح بأيهما شاء فإذا نكح بواحد لم يكن له أن ينكح بالآخر ويرث ويورث من حيث يبول.

وعلى القول بإباحة الزواج له، فهل له أن يزرع عضوا ذكريا؟

هذه المسألة هي إحدى الأمور المستجدة، التي لا يتصور أن يوجد لها جواب في كلام المتقدمين من أهل العلم، وقد تناولها العلماء المعاصرون بشيء من الحذر.

يقول د. محمد نعيم ياسين في بحث له سماه قضايا طبية معاصرة: إن القضيب يحرم التبرع به من الحي.. لأنه عضو وحيد في الجسد، والتبرع به لا يحقق مصلحة زائدة عن واقع الحال..

ويقول: يجوز أخذ العضو من الميت بناء على وصيته، ولا يستثنى من ذلك سوى الأعضاء التي أثبت العلم أن لها دخلا في الأنساب.

ويقول أيضا: فإذا اعتمد المفهوم الطبي المعاصر للموت وأنه يقع بموت دماغ الإنسان بصورة أكيدة ونهائية فإن هذا المفهوم إذا اجتمع مع القول بإباحة الوصية بالأعضاء يتيح الفرصة للاستفادة من الأعضاء الأساسية في الجسم.. أما إذا رفض هذا المفهوم وبقي الاعتماد على المفهوم التقليدي للموت الذي يقوم على أساس اعتبار الحياة باقية مادام القلب ينبض بأي سبب من الأسباب، وإن مات الدماغ بصورة نهائية فإن هذا الاتجاه يمنع من الاستفادة من تلك الأعضاء الأساسية.. وذلك لأن نجاح عمليات الغرس العضوي يتوقف على صلاحية الأعضاء المغروسة في جسم المستفيد.. ومعنى صلاحية العضو عدم فساد خلاياه، ويتوقف ذلك على وصول الدم إلى هذه الخلايا، وهذا يتوقف بدوره على قيام القلب بوظيفته.

ونحن نرجح المفهوم التقليدي للموت بل ولا نرى للقول المخالف له دليلا يسوغ اعتباره.

وعليه، فليس أمام هذا الشخص من وسيلة لزرع ذكر إلا أن يكتشف العلم الحديث طريقة للاستفادة من جسم الميت الذي توقفت نبضات قلبه نهائيا أو أن تكتشف طريقة لزرع الذكر من أجزاء الجسم الأخرى.

وعلى كل حال، فإن على هذا الفاعل أن أن يبادر إلى التوبة النصوح ونسأل الله العلي القدير أن يتجاوز عنه، بما ادعاه من جهل لما أقدم عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني