الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معجزات عيسى هي دلائل على صدق نبوته

السؤال

ما غاية الله من خلق عيسى بكلمة كن وما الهدف من الأعاجيب التي وهبها له، وهل تعاليم الله تتغير مع كل زمان، وهل العمل الذي قام به عيسى يعيب الله والبشارة التي بشر بها باطلة، أما الرسل الذين أرسلهم من اجل البشارة هم أيضا قاموا بالأعاجيب التي تدل على وجود الله الحي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا الكلام على خلق عيسى بكلمة كن في الفتوى رقم: 49232، والفتوى رقم: 30506.

وأما المعجزات التي أظهرها الله على يديه مثل إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله وغير ذلك، فهي دلائل صدق عيسى عليه الصلاة والسلام في رسالته وتكذيب لما اتهمه به يهود من الافتراءات.

وأما تعاليم الله وتغيرها مع الزمان، فلتعلم أن ما يحدث في الزمان كله من خلق الله، وأن التعاليم الربانية من شرع الله، والله حكيم في خلقه وتدبيره وتشريعه، فهو يفعل ما يشاء في خلقه ويشرع لهم ما هو أصلح لهم في كل زمان، فقد يبقي بعض التعاليم السابقة في شرع النبي السابق وقد يغير بعضها ولا معقب لحكمه.

فقد جاء عيسى عليه الصلاة والسلام بتشريع يوافق كثيراً مما في التوراة وينسخ بعض ما فيها ويحل بعض ما كان محرما في شرع موسى، فالحاصل أن شرع الله صالح لكل زمان وإذا نسخ الله بعض ما شرع سابقاً فيجب اتباع أمر الله في كل حال.

وأما العمل الذي قام به عيسى عليه الصلاة والسلام فإنا لا ندري عن أيه تسأل ولا عن أيه يظن به العيب، ولكن يجب علينا جميعاً أن نعتقد أن عيسى عليه الصلاة والسلام كان رسولاً من أولي العزم وكان معصوماً ولم نعلم أنه صدر منه أي خطأ.

ويدل لذلك أن بعض الأنبياء اعتذروا عن الشفاعة ببعض الأعذار وأن عيسى عليه الصلاة والسلام لم يذكر ذنباً، كما في حديث الصحيحين وهو مذكور في الفتوى رقم: 31592.

وأما البشارة التي بشر بها فإن كنت تعني البشارة بنبوة محمد رسول الله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم فهي صحيحة وقد شهد بها القرآن الكريم وهي موجودة في التوراة والإنجيل، وقد نقلنا بعض كلام عدة أناجيل في ذلك، كما ذكرنا بطلان الديانة النصرانية سابقاً في عدة فتاوى، فراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8210، 10326، 27986، 53029، 62105، 12746.

هذا ويتعين على الجميع أن يعتقد عصمة الأنبياء ولا يصغي لما اتهمهم به اليهود ومن تابعهم من الأغبياء، فإن اليهود قوم بهت كما قاله الحبر الخير عبد الله بن سلام عنهم فيما رواه البخاري عنه.

وإن من أعجب الأعاجيب ما انطلى على النصارى من أوهام اليهود وأكاذيبهم فإنهم يعتقدون صدقهم في كونهم قتلوا المسيح وصلبوه ومع ذلك يخدمونهم وينصرونهم ويعتقد كثير صدق أكاذيب بولس ومن تابعه في بُنوة عيسى لله تعالى، تعالى الله أن يكون له ولد، ومع ذلك يقرون دعوى اليهود أنهم قتلوه فهل يرون أن اليهود غلبوا الله أم أنهم سعوا في رضاه بقتل عيسى أم ماذا، ولله در القائل:

عجبا للمسيح بين النصارى * وإلى أي والد نسبوه

أسلموه إلى اليهود وقالوا * إنهم بعد قتله صلبوه

فإذا كان ما يقولون حقا * وصحيحا فأين كان أبوه

حين خلى ابنه رهين الأعادي * أتراهم أرضوه أم أغضبوه

فلئن كان راضيا بأذاهم * فاحمدوهم لأنهم قتلوه

ولئن كان ساخطا فاتركوه * واعبدوهم لأنهم غلبوه

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني