الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من أم قوما وهم له كارهون

السؤال

هل تجوز الصلاة خلف إمام بيني وبينه عداوة أو كره أو عدم ارتياح أم لا ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فهذه المسألة فيها تفاصيل كثيرة، حيث فرق الفقهاء بين العداوة التي تكون بين المأمومين والإمام بسبب الدنيا، والعداوة التي تكون بسبب نقص في ديانته، أو بسبب تمسكه بالدين والسنة، كما فرقوا بين أن يكرهه واحد أو أثنان، وبين أن يكرهه أكثر القوم. وقد وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بخصوص من أمّ قوماً وهم له كارهون، ومنها ما يصلح للاحتجاج ومنها ما لا يصلح له، ومما يحتج به منها ما رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أمّ قوماً وهم له كارهون.. الحديث" قال العراقي: إسناده حسن. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع ، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ، وإمامُ قومٍٍ وهم له كارهون" رواه الترمذي من حديث أبى أمامة وحسنه الألباني. قال الشوكاني: (وأحاديث الباب يقوي بعضها بعضاً فينتهض للاستدلال بها على تحريم أن يكون الرجل إماماً لقوم يكرهونه، ويدل على التحريم نفي قبول الصلاة وأنها لا تجاوز آذان المصلين ولعن الفاعل لذلك. وقد ذهب إلى التحريم قوم وإلى الكراهة آخرون) انتهى . وإليك أقوال بعض الفقهاء في ذهذه المسألة: قال في الدر المختار: (ولو أمّ قوماً وهم له كارهون، إن كانت الكراهة لفساد فيه، أو لأنهم أحق بالإمامة منه، كره له ذلك تحريماً... وإن هو كان أحق منهم فلا كراهة. والكراهة عليهم) انتهى بتصرف. وعند المالكية أنه تكره إمامته إذا كرهه أقل القوم غير ذوي الفضل منهم، وأما إذا كرهه كل القوم أوجلهّم، أو ذوو الفضل منهم وإن قلّوا فيحرم. هذا هو التحقيق عندهم كما قال الدسوقي. ويتفق الشافعية والحنابلة على أنه يكره أن يؤم قوماً أكثرهم له كارهون. قال الإمام أحمد: إذا كرهه واحد أو أثنان أو ثلاثة فلا بأس حتى يكرهه أكثر القوم. المغني (2/57).
ولعل الراجح هو: أنه إن كان الإمام ذا دين وسنة فكرهه القوم لذلك لم تكره إمامته، وكذلك إذا كرهوه لأجل مشاحنة بينه وإياهم في أمر من أمور الدنيا. والصلاة خلفه صحيحة في الحالتين. قال النووي: قال أصحابنا: وإنما تكره إمامته إذا كرهوه لمعنى مذموم شرعاً، كوالٍ ظالم، وكمن تغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها، أو لا يتصوّن من النجاسات، أو يمحق هيئات الصلاة، أو يتعاطى معيشة مذمومة أو يعاشر أهل الفسوق ونحوهم أو شبه ذلك. فإن لم يكن شيء من ذلك فلا كراهة، والعتب على من كره. (المجموع: 4/172). والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني