الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البياض والسواد في القرآن الكريم

السؤال

من النبي الذي كان لون بشرته سوداء؟ ولماذا دائما الله يذكر في قرآنه الكريم عن البياض النور والسواد العتمة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم نجد فيما وقفنا عليه من الأخبار أن أحد الأنبياء كان أسود، إلا على القول بنبوة لقمان الحكيم، فإن في مصنف ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: كان لقمان عبداً أسود عظيم الشفتين مشقق القدمين.

وأما كون القرآن الكريم يوصف فيه دائماً البياض بالنور والسواد بالعتمة، فعلى تقدير صحة أن هذه الأوصاف توجد في القرآن كما ذكرت، فلا نرى فيها ما يدعو إلى الاستغراب، لأن البياض مناسب للنور، والسواد مناسب للعتمة وهي سواد الليل.

وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان كل من البياض والسواد في القرآن يراد به حقيقته، أم أن له معنى آخر زائداً على الحقيقة.

وللمفسرين في تفسير قوله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ {آل عمران: 106}. قولان: أحدهما: أن المراد بابيضاض الوجوه إشراقها وإسفارها بنيل البغية والظفر بالأمنية، والاستبشار بما يصير إليه من الثواب، كقوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ {عبس: 38-39}.

وباسودادها ظهور أثر الحزن والكآبة عليها، لما تصير إليه من العقاب، كقوله تعالى: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ {القيامة: 24}، وقوله تعالى: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ {عبس: 40-41}.

وثانيها: أن البياض والسواد محمولان على ظاهرهما، وهما النور والظلمة، إذ الأصل في الإطلاق الحقيقة.

فمن كان من أهل نور الحق وسم ببياض اللون وإسفاره وإشراقه، ابيضت صحيفته، وسعى النور بين يديه وبيمينه، ومن كان من أهل ظلمة الباطل، وسم بسواد اللون وكمده، سودت صحيفته وأحاطت الظلمة به من كل جانب.

قالوا: والحكمة في ذلك أن يعرف أهل الموقف كل صنف، فيعظموهم ويصغروهم بحسب ذلك، ويحصل لهم بسببه مزيد بهجة وسرور، أو ويل وثبور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني