الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع كتب الديانات المحرفة

السؤال

أنا شاب لي صديق كان له جد يعمل قسيسا ولكنه هداه الله للإسلام وعندما توفي ورث ذلك الصديق مكتبة كاملة كانت لجده ومن ضمن هذه الكتب كتب قديمة جدا تصل إلى حد أننا يمكن أن ندعوها أثرا تاريخيا، وعليه فقد قال لي إنى أريد بيع كتاب منهم ومن أول وهلة تخيلت أنا وهو أنه لن يبلغ أكثر من 500 دولار، وعليه أخذته منه واكتشفت بمحض الصدفة أن الكتاب أثري جدا يبلغ عمره 1500 عام والذي( يحتويه معتقادات وصـلوات وأدعية خاصة بالديانة المسيحية)، وعليه فوجئت بأحد الأثرياء يعرض علي مبلغا ضخما جدا (وعليه سددت إلى صاحبي المبلغ الذي اتفقت معه عليه ولم أبلغه بأن الكتاب أثمن مما تصورنا أنا وهو قبل أن أقبل شراءه منه ويصبح الكتاب ملكي)، وكذلك اتفقت مع الثري على بيع الكتاب له، سؤالي هو: هل حلال بيع هذا الكتاب أصلا على ما به من معتقادات دينية تخالف دين الإسلام رغم أنى كبائع لا أبيع عقيدة وإنما أبيع أثرا والمشترى كذلك وأيضا كلانا لا يستطيع قراءة ومعرفة ما فيه، أنا فقط علمت ما يتكلم عنه من عالم آثار لأنه مكتوب بلغة قديمة، إذا كان البيع حلالا فإن الصديق الذى كان يمتلك الكتاب في الأصل ويجهل قيمته يجب علي إبلاغه أم لا، رغم أني عندما اشتريته منه كنت أيضا أجهل قيمته، ولكني بعد أن عرفت عجلت بالشراء منه، الرجاء إفتائي من جميع الأوجه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم في الغبن في البيع هل يحق للمغبون رده أو لا يحق له ذلك بعد مضي البيع؟

فقد ذهب الإمام مالك إلى أن البيع يمضي، ولا يحق للمغبون الرجوع، ونقل عنه المواق في التاج والإكليل قوله: من باع مصلى ثم قال مشتريه: هو خز، فقال البائع: لو علمته ما بعته بهذا الثمن: هو للمشتري ولا شيء للبائع عليه... لو شاء لتثبت قبل بيعه...

وعلى ذلك فما وقع بينكما من البيع في الكتاب صحيح ولا يؤثر فيه اكتشافك أو معرفتك أصلاً بثمنه، هذا من ناحية البيع على العموم.

أما بخصوص بيع هذا النوع من الكتب وشرائه فإنه يجوز بيعه للمتخصصين من المسلمين الذين يستعينون به على الرد على أهل الضلال.... فقد كان كبار المسلمين ممن قاموا بهذا الفرض الكفائي يقتنون كتب النصارى وغيرهم من أهل الضلال وينقلون منها للرد عليهم؛ كما نجد ذلك عند ابن حزم وابن تيمية... ولا بد أن يكونوا بذلوا مالاً وجهداً في الحصول على هذه الكتب، وأما غير هؤلاء فإما أن يكون بيعه لهم حراماً إذا كانوا يستعينون به على باطلهم، أو كانوا مسلمين يشوش على عقائدهم.. أو يكون مكروهاً إذا لم يخش عليهم منه وكانوا يقتنونه لمجرد الاطلاع.. فقد قال ابن حجر: إن النهي محمول على الكراهة والتنزيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، وغضبه على عمر كغضبه على معاذ حين طول بالناس في الصلاة...

والحاصل أن بيع هذا النوع من الكتب يجوز لمن يستعين به على إحقاق الحق ورد الباطل، ويكره لمن يستعمله في مجرد المطالعة، ويحرم لعامة الناس أو من يستعين به على الباطل، ولتفاصيل ذلك وأدلته وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 20030.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني