الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القول الراجح في زكاة عروض التجارة

السؤال

أقوم بتربية أرانب بغرض البيع وذلك عن طريق شراء أمهات وذكر وتربية ما ينتج منهم لعمر شهرين أو شهرين ونصف ثم بيعها وذلك باستخدام بطارية للأرانب وأملاح وفيتامينات بخلاف العلف ومصروفات العلاج لهم، أريد أن أعرف كيفية إخراج الزكاة عن هذا المشروع حيث إنه قد أكمل عاما، مع العلم بأنني قمت بشراء أمهات أرانب خلال عمر المشروع بدلا من التي بدأت بهن حيث إن بعضهن قد مرض ولم أستطع علاجه وقمت بذبحه وأكله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكل ما كان معدا للبيع من هذه الأرانب فإنه يزكى زكاة عروض التجارة إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول، سواء في ذلك الأمهات أو النتاج، وكيفية ذلك أن تنظر إلى قيمتها في السوق فإن بلغت نصابا بنفسها أو بضمها إلى غيرها مما هو ملك لك من نقود أو عروض تجارة، وحال على ملكك لهذا النصاب الحول، وجب عليك أن تخرج زكاتها وهي ما يساوي 2.5% من قيمتها السوقية وقت وجوب الزكاة، والنصاب هو ما يعادل قيمة خمسة وثمانين جراماً من الذهب أو خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة، وإن مات بعضها أثناء الحول فنقص النصاب ثم كمل اعتبر ابتداء الحول من يوم كماله.

وهذا الذي ذكرناه هو مذهب الحنابلة وهو الراجح لدينا في هذه المسألة، وقد لخصت الموسوعة الفقهية أقوال العلماء في ذلك، مما يحسن إيراده هنا لتعم الفائدة، فقد جاء فيها تحت عنوان: نقص قيمة التجارة في الحول عن النصاب: ذهب المالكية والشافعية على القول المنصوص إلى أن المعتبر في وجوب الزكاة القيمة في آخر الحول، فلو كانت قيمة العروض في أول الحول أقل من نصاب ثم بلغت في آخر الحول نصابا وجبت فيها الزكاة، وهذا خلافا لزكاة العين فلا بد فيها عندهم من وجود النصاب في الحول كله، قالوا: لأن الاعتبار في العروض بالقيمة ويعسر مراعاتها كل وقت لاضطراب الأسعار ارتفاعاً وانخفاضاً فاكتفي باعتبارها في وقت الوجوب، قال الشافعية: فلو تم الحول وقيمة العرض أقل من نصاب فإنه يبطل الحول الأول ويبتدئ حول جديد.

وقال الحنفية وهو قول ثان للشافعية: المعتبر طرفا الحول، لأن التقويم يشق في جميع الحول فاعتبر أوله للانعقاد وتحقق الغنى، وآخره للوجوب، ولو انعدم بهلاك الكل في أثناء الحول بطل حكم الحول.

وقال الحنابلة وهو قول ثالث للشافعية: المعتبر كل الحول كما في النقدين، فلو نقصت القيمة في أثناء الحول لم تجب الزكاة، ولو كانت قيمة العرض من حين ملكه أقل من نصاب فلا ينعقد الحول عليه حتى تتم قيمته نصاباً، والزيادة معتبرة سواء كانت بارتفاع الأسعار، أو بنماء العرض، أو بأن باعها بنصاب، أو ملك عرضاً آخر أو أثماناً كمل بها النصاب.

وقد أبان الإمام ابن قدامة وجه ترجيح مذهب الحنابلة في كتاب المغني فقال رحمه الله: ولنا، أنه -أي عروض التجارة- مال، يعتبر له الحول والنصاب، فوجب اعتبار كمال النصاب في جميع الحول كسائر الأموال التي يعتبر لها ذلك، وقولهم: يشق التقويم لا يصح، فإن غير المقارب للنصاب لا يحتاج إلى تقويم، لظهور معرفته، والمقارب للنصاب إن سهل عليه التقويم، وإلا فله الأداء. والأخذ بالاحتياط، كالمستفاد في أثناء الحول إن سهل عليه ضبط مواقيت التملك، وإلا فله تعجيل زكاته مع الأصل. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 5209.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني